أيام المؤسس (25)

يُعد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس الدولة وباني نهضتها الحقيقية، لما قام به من جهود كبيرة لسنوات طوال حتى يتحول الاتحاد من حلم إلى واقع. «صفحات رمضان» في هذا العام، وللسنة العاشرة على التوالي، تحاول أن تُلقي الضوء على علاقة الراحل العظيم بعالم الرياضة، ولعل الاهتمام الكبير للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، جاء بعد أن أدرك بفكره النافذ ورؤيته المستقبلية أهمية دور الشباب في عالم الرياضة، وتلك العلاقة المتينة، وذلك من أجل تنمية الإنسان وقدرته على الاستمرار والنجاح والنهوض والتطور من أجل بلاده، واليوم ونحن في «عام زايد» تلك المبادرة التي أطلقتها القيادة الحكيمة تقديراً لشخصية قلما يجود الزمان بمثلها، نستعرض التاريخ والهوية الحقيقية من خلال الرياضات، تلك الهوية الخاصة بنا والمختلفة عن الأمم والشعوب، والتي نفتخر بها دوماً بين الجميع.

 

بدأت علاقة الكرة الإماراتية بكأس الخليج العربي لكرة القدم عام 1972 في نسخة الرياض، مع مطلع تأسيس اتحاد الكرة بالدولة، حيث لم يكن موجودا قبل تلك الفترة. فقد نظمت بطولاتنا الكروية اتحادات محلية على مستوى المناطق ولكن مع قيام الدولة تغير الأمر وأصبح العمل أكثر تنظيما، وفرضنا نفسنا على الخريطة الدولية فبدأت المشاركة الأولى للمنتخب الكروي برغم غيابنا عن الدورة الأولى 1970 بالمنامة وتجددت العلاقة في جميع البطولات التالية، وجاءت تلك المشاركات لترسي دعامة من دعائم الدولة الحديثة، حيث أخذت القيادة السياسية تحرص على تواجد أبناء الوطن في التظاهرات الرياضية الإقليمية والقارية والدولية.

الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، خلال افتتاح «خليجي 6» عام 82 بحضور الشيخ خليفة بن زايد والمرحوم حمدان بن محمد والبادي والجنيبي | أرشيفية

 

ومع قيام الدولة حرص فقيد الوطن الغالي المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على الاهتمام بالإنسان حيث كان يعتبره الثروة الحقيقية لهذا الوطن ومن أبرز أقواله إن أثمن ثروة لهذا البلد هو الإنسان الذي يجب أن نعتني به ونوفر له الرعاية، فلا فائدة للمال بدونه. ومن هذا المبدأ والمنهج سارت الدولة على الثوابت والأسس التي وضعها زايد الخير. وكانت نبراساً لبناء الإنسان الإماراتي، فالهدف بناء جيل يتحمل مسؤولياته ويواصل مسيرة التقدم فالقائد أعطى الأولوية في الاهتمام لبناء الإنسان ورعاية المواطن في كل المجالات وفي جميع الأماكن بالدولة لأن الإنسان أساس التنمية.

الشيخ زايد خلال أحد أحاديثه الرياضية | أرشيفية

 

حدث تاريخي

يعتبر يوم 9 مارس عام 1982 حدثا تاريخيا للرياضة الإماراتية، حيث حرص المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على افتتاح منافسات النسخة السادسة من بطولة كأس الخليج، واستقباله لرؤساء الوفود الخليجية بالدورة ورعايته الكريمة في تتويج أبطال الدورة في إستاد مدينة زايد الرياضية واحدة من ابرز المحطات الهامة في تغيير الصورة لرؤيتنا الرياضية بفضل حكيم العرب، وألقى سموه كلمة الافتتاح من المقصورة الرئيسية بمدينة زايد الرياضية عندما أعلن عن افتتاح الدورة بكلمات معبرة قال فيها:

«إخواني أصحاب السمو الشيوخ والأمراء نفتتح اليوم هذه الدورة الميمونة المباركة باسم الله وعلى بركته، راجين أن يكون هذا الافتتاح وفي هذه الدورة كل سعادة وكل سرور، وأن يكون لقاؤنا مباركاً يشد من الأزر بعضنا بعضا وان يكون لقاء أخوياً ميموناً. نعتمد هذا اليوم وعلى الدوام وأن يكون لقاء مباركا نستعين به في حاضرنا ومستقبلنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم».

المغفور له الشيخ زايد يستمع إلى الأمير الراحل فيصل بن فهد خلال افتتاح دورة الخليج السادسة التي جرت في مارس 1982 | أرشيفية

 

روح رياضية

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل حرص سموه على لقاء لاعبي منتخبنا الوطني المشارك في البطولة في الـ 20 من مارس 1982 بأعضاء المنتخب، موجهاً حديثاً شاملاً لهم طالب فيه أبناءه الشباب بالتحلي بالأخلاق الحميدة والروح الرياضية العالية والتنافس الرياضي الشريف في هذه الدورة التي تجسد معاني الأخوة وتوطد أواصر المحبة، ونظرا للتوثيق الهام لمسيرة المغفور له نسترجع معكم مأثر الفقيد الغالي، دعا يومها حكيم العرب أبناءه إلى بذل كل جهد والمساهمة بفاعلية في إنجاح هذا اللقاء باعتباره عملاً وحدوياً خليجيا وقال: إن هذا هو الفوز الحقيقي، وتمنى لمنتخبنا أن يخرج بنتائج مرضية من هذه المنافسة الرياضية وبمستوى طيب.

إحدى فقرات حفل «خليجي »82 | أرشيفية

 

كما تناول الشيخ زايد طيب الله ثراه كذلك في حديثه لأعضاء منتخبنا الوطني لكرة القدم المسيرة الاتحادية فوصف بناء الاتحاد في حد ذاته بانه يعتبر خطوة كبيرة، بحيث أصبحت دولة الإمارات الآن قدوة يحتذى بها وقال: «إن من حق دولتنا أن تفخر بإنجازاتها التي تحققت في هذه الفترة القصيرة من عمرها».

وأضاف: لقد وصلنا بعون الله وتوفيقه إلى ما كنا نسعى إليه، ونتطلع إلى مرحلة جديدة من البناء، يكون التركيز فيها على الشباب، مؤكداً أننا نعطي الأولوية في الاهتمام ببناء الإنسان ورعايته، لأنه أغلى إمكانيات هذا البلد وهو ثروته الحقيقية.

سالم خليفة يجري فرحاً بعد هدف منتخبنا في «خليجي »6 | أرشيفية

 

وفي ختام المقابلة عاهد أعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم، القائد المؤسس، ببذل كل جهد لوضع توجيهات سموه الحكيمة موضع التنفيذ، كما عاهدوا سموه أن يكونوا قدوة صالحة لشباب الدولة وتقدموا لسموه بالشكر والامتنان على ما يوليه من رعاية وحرص كاملين لقطاع الشباب والرياضة. وجاءت كلماته التي لا تنسى «إننا نتطلع بمزيد من العزم والإصرار إلى دعم الاتحاد وتقوية البناء الداخلي بعزم وجد»، مؤكداً أن العمل هو الباقي والخالد وليس الإنسان.