وأخيراً.. حققت الانتفاضة المصرية هدفها المتمثل برحيل النظام ورموزه ونجحت بجعل الجيش يتولى إدارة شؤون مصر.
18 يوماً كانت أشبه بلعبة عض الأصابع قبل أن يخضع النظام لمطالب الجماهير الذين سجلوا للتاريخ وبامتياز أن الشعب هو الذي قال كلمته في النهاية وأن انتفاضته تعكس وجدانه ووطنيته وصدق توجهاته وانتماءاته.
18 يوماً والنظام ظل مراهناً على تعب المتظاهرين والالتفاف على مطالبهم واعتصاماتهم، ليس في ميدان التحرير فحسب، وإنما في كل المدن وفي كل المنشآت الصناعية والنقابية، لكن محاولات الترقيع والإصلاحات المتأخرة لم تحل دون الوصول إلى اللحظة التاريخية، لحظة الإعلان الرسمي عن تنحي مبارك وإنابة المهام إلى المجلس العسكري.
اللافت أنه قبل يوم من الرحيل حاول رأس النظام إضفاء زخم من الوطنية على شخصه بتذكير المتظاهرين بأمجاده، والأهم قوله: «إنه لن يخضع لإملاءات الخارج..» أي إنه حاول الإيحاء بالاستشراف في الوقت المستقطع مع أن كل المصريين والعرب يعرفون أن مصر كانت مرتهنة إلى الخارج الأميركي والإسرائيلي طوال ثلاثين عاماً هي فترة حكمه، والتي كان من أبرز أدوارها: تعريب كامب ديفيد.
وكان الخطاب الثالث مساء أمس الأول بمنزلة إلقاء تهمة الخارج على الشعب الذي تحمل ثلاثين سنة من الفساد والإفساد ونهب الثروات ورهن القرار المصري.
هي لعبة الساعات الأخيرة التي لم تنطل على الملايين الذين ظلوا يرفعون الصوت: ارحل.. لن نكلّ ولن تأخذنا الطمأنات والمراوغات إلى الاتجاه المغاير لتطلعات الانتفاضة.
هكذا كان الشعب المصري أصيلاً متجانس النسيج المجتمعي، أصيلاً في توجهه السياسي ويقظته الوطنية وفي إثباته أن الانتهازية الأميركية التي واكبت المشهد الحدث وخرائط الطريق التي أعدتها واشنطن لما يسمى الانتقال السلس للسلطة، كلها لم ولن تجدي نفعاً مع شعب امتلك قراره، وأنه هو الذي سيضع خريطة طريقه لمستقبله ومستقبل مصر العربي.
اللحظة التاريخية تحققت والجماهير العربية تتطلع إلى التحول الجديد في الحياة المصرية وكلها أمل بعودة مصر إلى حضن أمتها.