ثمّة خلل سياسي حقوقي أخلاقي إنساني لا يزال سارياً لدى دول الغرب والولايات المتحدة بشكل خاص، خلل في المعايير والنظم التي اخترعوها هم ونسفوها في غير مكان من العالم وخاصة في منطقتنا العربية.

الغيرية المصطنعة على حقوق الإنسان والشعوب والديمقراطية والتي يتشدقون بها كل يوم على شاكلة ما تسربه للإعلام هيلاري كلينتون، لا تزال انتقائية ولا تنطبق على إسرائيل التي تتمادى أكثر فأكثر باحتقارها لحقوق الإنسان ونسف كل القيم الأخلاقية، والجميع يعرف أنه ليس بمقدور إسرائيل القيام بهذا الصلف وهذا الإرهاب المتواصل لولا الدعم الأميركي المباشر والتواطؤ الغربي. ‏

الأمثلة كثيرة على هذا الانحياز غير الأخلاقي لإسرائيل، وإذا كنّا نكتفي بجانب الاستيطان في هذه العجالة فلأهمية هذا الموضوع في إيضاح المواقف المواربة، فالاستيطان كما يعرف العالم أجمع يعني الاحتلال وتوسيع رقعته على حساب حق الآخر، والاستيطان في الضفة الغربية هو احتلال مباشر واعتداء صارخ على أملاك الغير بموجب كل القوانين والشرائع.. ومع ذلك لم نلحظ غيرية غربية على الحق العربي وحماسة أميركية لوقف هذا النوع من الاحتلال. ‏

وإذا أخذنا موضوع القدس كمثال آخر على الحالة الاستيطانية الاحتلالية، فإننا لمسنا بشكل مباشر أن لا اعتراض أميركياً على تهويد القدس، وأن ثمّة ضوءاً أخضر أميركياً غربياً لمواصلة المشروع الصهيوني التهويدي في القدس، بدليل أن الاستيطان في المدينة العربية المقدسة تضاعف بدرجة غير مسبوقة خلال ولاية الرئيس أوباما عمّا كان عليه في السابق، مع أن إدارة أوباما أوهمتنا كثيراً بأنها ترى في الاستيطان موضوعاً إشكالياً كبيراً لعملية السلام. ‏

بالأمس أعلنت إسرائيل عن مخطط لإقامة حي استيطاني جديد في القدس، في حين أعلن مجلس الأمن أنه سيعقد جلسة لمناقشة الاستيطان الإسرائيلي في الاراضي العربية المحتلة.. والسؤال: ماذا سيفعل مجلس الأمن حتى لو غضّ الجانب الأميركي الطرف عن مناقشة كهذه؟.. ماذا لو اتخذ المجلس قراراً يدين الاستيطان؟. ‏

لا شيء سيتغير على أرض الواقع، إذ إن عشرات القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة لم يُنفذ منها قرار واحد يدين إسرائيل، لأن الولايات المتحدة تمنع مساءلة إسرائيل وتطلق يدها لتفعل ما تشاء بدعم أميركي مباشر، لأن إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة استثناء من كل العالم، أي ما ينطبق على العالم من قوانين وقرارات لا يعني إسرائيل من قريب ولا من بعيد!. ‏

هي الحقيقة والرسالة لمن يود أن يتحقق من ادعاءات وتوصيات ومواقف أخلاقية لا تزال الولايات المتحدة تصرّ على تسويقها إلينا. ‏