كشفت التطورات الجارية في بعض البلدان العربية الكثير من خفايا السياسات الغربية والأميركية بشكل خاص تجاه المنطقة العربية، وأكدت أن ما يريده هذا الغرب من العرب هو ثرواتهم ونفطهم بالتحديد، ولا مانع عنده أن يذهبوا إلى الجحيم مادامت مصالحه مؤمنة.
الديمقراطية التي يقول الغرب إنه يشتهيها للعرب هي كلام فارغ، وكذلك حديثه عن الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة، فما يقوله الغرب شيء وما يفعله شيء آخر تفوح منه رائحة النفط والنهب والصهيونية.
وإن لم يكن الأمر كذلك فبماذا يفسر هؤلاء، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، غزو العراق عسكرياً، واحتلاله، وتدمير بنيته التحتية، وقتل أو التسبب بقتل زهاء مليون ونصف مليون من أبنائه.
وما داموا يقولون إنهم يريدون الأمن والاستقرار للمنطقة، فبماذا يفسرون انحيازهم لإسرائيل وهي القوة التي تحتل أرضاً عربية، وتتسبب بانعدام الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهدد ما حول المنطقة كذلك؟.
بعد أحداث ليبيا انكشف المستور تماماً، فقد ظل الغرب صامتاً طوال الأيام الأولى لهذه الأحداث، وما إن وصلت الأمور إلى النفط ووقف ضخه حتى انتفض الغرب واستنفر مجلس أمنه التابع للأمم المتحدة، وتوعد بالويل والثبور، وبدأ يعدّ العدة لتنفيذ الخطط البديلة المسبقة المعدة خصيصاً لمثل هذه الحالات.
وهذا ما يفترض أن يكون الأشقاء في ليبيا متنبّهين إليه إلى أقصى الحدود، وواضعين إياه في حساباتهم وهم يتحركون لإحداث ما يصبون إليه من إصلاحات، فالمسألة في غاية الخطورة، وعندما يحرك الغرب مجلس الأمن نحو المنطقة ونحو الدول النفطية بالذات يغدو من الممكن جداً توقع إسالة الدماء كي يعاد ضخ النفط بالشروط الغربية.
الأخبار الواردة من ليبيا تؤكد أن الكل على يقظة تامة، وأن الشارع المنتفض طلباً للإصلاحات يحسب حساباً لكل الاحتمالات، وأن السياسيين والقادة العسكريين والمثقفين والوجهاء حددوا وجهتهم وبرنامجهم المستقبلي، ولكن لا بدّ من تأكيد ضرورات الحذر الشديد.
وما يدعو إلى التفاؤل والأمل في هذا الذي يجري على الساحة العربية الواسعة هو أنه إرادة شعبية، والإرادة الشعبية لا تخطئ مطلقاً، لأنها تقوم على حسابات دقيقة، وعلى إحساس وطني عال، وعلى إدراك عميق لمتطلبات الحاضر والمستقبل وطنياً وقومياً.