ما بين التطورات المتسارعة على الساحة العربية، والدعوات الأميركية وبعض الغربية لتدخل عسكري أممي مغلف بقرارات من مجلس الأمن، يبرز بعض جوانب النيّات الغربية المبيتة تجاه العرب وقضاياهم، وما تحمله من أخطار آنية ومستقبلية.
الحديث هنا يدور حول مخططات أميركية معدّة مسبقاً وأخرى يجري إعدادها على عجل للسيطرة على منابع النفط العربية تحت غطاء أممي، وتأمين إسرائيل، وإخراجها من دائرة الخوف والتوتر التي تضرب كل جنباتها، وخاصة بعد ما حدث في مصر الطرف الثاني في اتفاقية كامب ديفيد.
على هذا الأساس كان التوجه الأميركي الأخير في مجلس الأمن الدولي نحو البند السابع تحديداً من الميثاق، ونحو تشريع استخدام القوة العسكرية في ليبيا تحت شعار وقف إسالة الدماء، علماً أن كل المؤشرات تؤكد أن الهدف ليس وقف إسالة الدماء، وإنما هو المحافظة على إسالة مليون ونصف مليون برميل من النفط يومياً، وبالتالي تحضير الأرضية الملائمة لبسط السيطرة الأميركية على منابع النفط الليبية.
ولعل من المفيد في هذا المجال التذكير بالتجارب والمواقف الكثيرة التي تؤكد التصعيد في الاندفاع الأميركي للتدخل في شؤون الآخرين سياسياً وعسكرياً عندما يتعلق الأمر بالنفط وبشكل خاص النفط العربي، والعراق مثال حاضر دائماً على ذلك.
في كل الأحوال، ما يحدث على الساحة العربية من تحولات بالغ الأهمية على صعيد إعادة صياغة وتشكيل الواقع العربي اقتصادياً وسياسياً ودفاعياً وأمنياً واجتماعياً، وهذه حقائق ثابتة على أرض الواقع، ولا مجال لنكرانها.
وأن تكون هذه التحولات من صنع القواعد الشعبية العريضة، وتمثّل إرادة الشارع العربي بآماله وآلامه فهذا لا يعني أن يستكين هذا الشارع، ويطمئن لما تقوله الولايات المتحدة وبعض الغرب، فالعبرة ليست في الأقوال وإنما في الأفعال المبيتة التي لا تعير أي اهتمام للدم العربي ولا للمصلحة العربية ولا للديمقراطية وحقوق الإنسان العربي، المهم عند هؤلاء مصالحهم هم ومصالح إسرائيلهم حتى لو كانت على جثث عشرات الملايين من العرب.
وها هي الولايات المتحدة التي تسمي نفسها راعية الديمقراطية، قتلت أو تسببت بقتل زهاء مليون ونصف مليون عراقي دون أن يرف لها جفن من أجل مصالحها ومصالح إسرائيل، وكان أحد أبرز عناوينها إلى ذلك الديمقراطية.