نعرف، ويعرف من يعرفنا، أن مواقف سورية ونهجها المقاوم تزعج الغرب، وإسرائيل والولايات المتحدة بالذات، وأن هذه المواقف تشكل عقبة حقيقية أمام مخططات يعوّل الغرب كثيراً عليها في فرض ما يسميه تسويات وواقعاً جديداً في المنطقة يرضي إسرائيل، ويضع العرب في حال من اللا فعل والركود والقبول بما يعرض عليهم.

وسورية، كما يقول أعداء العرب ويشهد أصدقاؤهم، تنسف هذه المعادلات الغربية ­ الإسرائيلية، وتعمم معادلات مضادة في المنطقة، تقوم على قواعد شعبية مقاومة وممانعة ومستعدة لتقديم متطلبات مواجهة العدوانية الإسرائيلية بكل أشكالها. ‏

وقد حققت هذه المعادلات السورية المضادة إنجازات واضحة عبر المقاومات الوطنية في لبنان وفلسطين والعراق، وعبر التحول الكبير في المزاج الشعبي العربي نحو الالتفاف حول المقاومة، لكونها الخيار الأنجع في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ العرب، في غياب التضامن العربي الفعّال. ‏

ومن يتابع عناوين العقد الماضي على الأقل في المنطقة يمكنه أن يلاحظ بوضوح شديد أن الإنجازات التي حققتها المقاومات العربية ارتدّت ضغوطاً سياسية واقتصادية وأمنية غربية على سورية تحديداً، والهدف هو ثنيها عن مواقفها، وإضعافها، تمهيداً لمرحلة لا يكون فيها للمقاومة أي وجود. ‏

على هذه القاعدة يمكن فهم حملات الترويج والتزوير والتضخيم والتلفيق التي رافقت الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها بعض المدن السورية تحت عناوين إصلاحية ومعيشية. ‏

وعلى الرغم من أن السلطات السورية لم تقدم حتى الآن بشكل رسمي كل ما توافر لديها من أدلة دامغة حول تورط جهات خارجية في استغلال أجواء الاحتجاجات والنفاذ منها لتهديد الأمن الوطني، فهناك من المطلعين من يؤكد أن أموالاً هائلة ضخت، وأن كميات كبيرة من الأسلحة هربت إلى سورية، وأن أشخاصاً وجماعات من ذوي الخبرات التخريبية كانوا على خط الاحتجاجات السورية، وستكشف الأيام القليلة القادمة كم كان الوضع خطيراً، وكم كانت القيادة السورية حكيمة في تعاملها مع هذا الوضع الاستثنائي. ‏

لذلك وغيره الكثير يمكن تأكيد أن سورية مستهدفة، وأنهم أرادوا استغلال الاحتجاجات الشعبية للانتقام من مواقف سورية. ‏