الشيء الأكيد أن بعض دول الاتحاد الأوروبي، أو ولي أمرهم الولايات المتحدة الأميركية، لا يأبهون لحال المواطن السوري أو العربي بشكل عام، ولا يهمهم إنسانيته أو تحقيق استقراره، أو حتى توفير أساسيات حياته، فمصالحهم، بل مبادئ وثقافة حكومات هذه الدول، مختلفة تماماً عن طموحات ومطالب شعبنا، ومن ينتظر أن تحقق له هذه الدول، أو الجهات المرتبطة بها، أي مطالب فهو مخطئ حتماً، والأدلة على ذلك كثيرة.
فالمواطن السوري بشكل عام، وطوال السنوات الماضية، وضع أمامه الكثير من العقبات والصعوبات للحؤول دون حصوله على سمة دخول إلى دول الاتحاد، ولم تكن تمنح هذه السمات إلا لشخصيات محددة، وفي ظروف خاصة، فأين اهتمامات هذه الدول بحقوق وإنسانية المواطن السوري؟.
واتفاقية الشراكة السورية الأوروبية التي وقعت بالأحرف الأولى عام 2004 لم تفعّل، ووضع الكثير من العراقيل أمام إتمامها، ولم تسمح هذه الدول بدخولها حيز التنفيذ، رغم حاجة المواطنين السوريين في تلك الفترة لهذه الاتفاقية، لتوسيع آفاق الاقتصاد الوطني، وفتح أسواق جديدة أمامه، والاستفادة من التقانة والتطور في هذه الدول، لكن عدم الاهتمام بتطوير اقتصادنا بما ينعكس خيراً على المواطن، كان أولوية أمام بعض الدول الأوروبية.
فكيف يمكن للمواطن السوري الواعي والمدرك لما يحاك ضده أن يقتنع أن هذه الدول صحت فجأة وبات المواطن السوري في أولوية اهتماماتها، وأنها تهتم لإنسانيته أو لحريته أو لتحسين مستوى معيشته؟.
سورية ما زالت تعاني من آثار الحصار والعقوبات منذ حوالي ثلاثة عقود بسبب مواقفها الرافضة لجميع أشكال الهيمنة الغربية على شعوب المنطقة لحماية أمن إسرائيل واستغلال خيرات هذه الدول، وستبقى هذه الهجمات الغربية مستمرة ما دامت سورية متمسكة بمبادئها.
ما يريده المواطن السوري لا يمكن تحقيقه من خارج الحدود، والتجارب توضح بشكل أكيد أن حاجاتنا لن يقوم أحد بتلبيتها من الخارج، إلا بعد تقديم التنازلات والانصياع لإملاءات تلك الدول، وتنفيذ أجنداتها.
مواطننا مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى للتمسك بوحدته الوطنية، ومحاربة جميع أشكال الفتنة التي تحاول تلك الجهات زرعها بين أبناء شعبنا، فالإصلاح لا يأتي إلا من الداخل وبأدوات وطنية بحتة، ومن يسع لغير هذه الأدوات فهدفه التخريب وليس الإصلاح، وهؤلاء لابد من تعريتهم وكشفهم، وهذه مسؤوليتنا جميعاً.