بات من البدهي القول والتأكيد ألف مرة أن الأزمة في سورية انتهت وأن هذه الذيول التي يتمسكون وينفخون بها على مدار الساعة لم تعد تعني شيئاً ذا أهمية عند السوريين الذين لم يتأخروا في كشف خيوط المؤامرة وتقطيعها، والانتقال إلى مرحلة الهجوم المعاكس أداءً وإصلاحاً.

وهم في الخارج أدركوا عملياً أن اللعبة انتهت، ولكنهم يستصعبون الإقرار بالاندحار دفعة واحدة، لذلك اعتمدوا في الأيام الأخيرة ليس أسلوب تكبير الأحداث كما هي عادتهم، بل اختلاق أحداث، ومن ثم تكبيرها بطريقة فيها من اليأس والعصبية ما يؤكد افتقادهم العقل السليم. ‏

وليس من الأسرار الإشارة في هذا السياق إلى أنهم هم ذاتهم ساهموا عن غير قصد في إسقاط المؤامرة على سورية من خلال استخدام السلاح في وجه الدولة والشعب، والتركيز على المناطق الحدودية، بداية من درعا، وصولاً إلى تلكلخ وجسر الشغور، والإعلان عما سموه مناطق محررة، ما دفع حتى البسطاء في الشارع السوري للتأهب، وإعلاء الصوت في مطالبة الدولة بالقضاء على هذه المؤامرة التقسيمية. ‏

وليس من الأسرار كذلك الإشارة إلى أن شرائح كبيرة من السوريين يلومون الدولة، ويرون أنها تأخرت في التعامل مع المجموعات المسلحة، ما مكنها من تنظيم نفسها، والانتقال من منطقة حدودية إلى أخرى. ‏

وهذا له ما يؤكده على الأرض، ولدى الجهات الأمنية اعترافات وتقارير تؤكد انتقال المسلحين من منطقة إلى أخرى، وتمركزهم مؤخراً في ريف محافظة إدلب. ‏

وهذا لا يعني بالتأكيد خلو مناطق التظاهر الأخرى من السلاح، فالمؤامرة أعدت أصلاً على أساس توتير كل المدن والبلدات السورية من خلال استخدام السلاح للقتل والإرهاب والترويع. ‏

والسوريون يعرفون ذلك، ويعرفون كذلك أن استخدام السلاح استهدف التغطية على قلة الأعداد المشاركة في المؤامرة، وفي التظاهرات بوجه عام، وهذا التصور كان واضحاً في جسر الشغور مثلاً، حيث أرهب المسلحون السكان، وأجبروهم على النزوح قبل أن يدخل الجيش إلى المنطقة، بقصد اختلاق قصة اللاجئين الجاري الحديث عنها حالياً وكأنها نهاية الكون، علماً أنه لا العدد ولا الأسباب يسوغان ذلك، وليتذكر هؤلاء المتباكون أن سورية استقبلت مليوناً ونصف المليون لاجئ عراقي دون ضجيج ودون أن يتباكى أحد عليهم في الخارج، ألا يعني ذلك أن قصة اللاجئين السوريين هي جزء من المؤامرة على سورية؟. ‏

في كل الأحوال، ومهما صعّدوا وتباكوا وادّعوا الحرص على السوريين وحريتهم، فالأزمة انتهت، وما يبثه بعضهم عبر فضائيات الفتنة ليس أكثر من نُواح الهاربين المهزومين، ولن تنفع بعد الآن كل الخزائن المالية في إيجاد ما هو غير موجود في سورية. ‏