وقَّع الفلسطينيون اتفاقاً جديداً لتكريس المصالحة الوطنية ليُضاف إلى جملة الاتفاقات التي لم تُنفذ، ويأمل الفلسطينيون والعرب وكل من يسعى إلى استعادة الفلسطينيين حقوقهم الشرعية أن يَصدق الفلسطينيون مع أنفسهم وينفذوا الاتفاق الجديد الذي تم برعاية قطرية، وينص الاتفاق على تشكيل حكومة التوافق من كفاءات مهنية مستقلة برئاسة محمود عباس مهمتها تسهيل الانتخابات وإعمار غزة.

أمير دولة قطر الذي رعى الاتفاق خاطب موقّعي الاتفاق الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس قائلاً: «إن الأشقاء الفلسطينيين سيجدوننا والأمة العربية معهم من أجل استعادة حقوق الشعب الفلسطيني».

قول أمير قطر بقدر ما يؤكد على الدعم الذي سيُقدم للفلسطينيين من أجل تحقيق المصالحة الوطنية والسير قُدماً لتنفيذ طموحات الشعب الفلسطيني الذي أُضيف له همّاً آخراً تمثّل في انشقاق إخوة السلاح إلى هموم الاحتلال وإلغاء الهوية، ولهذا فإن إعادة اللُحمة الوطنية وتنفيذ اتفاق الدوحة لا يحقق آمال وطموحات الشعب الفلسطيني فحسب، بل ويعيد الثقة للعرب الداعمين للجهاد الفلسطيني، فبقدر الدعم السخي واللا محدود اللذين يقدمهما العرب للفلسطينيين يشعرون بخيبة أمل من الفرقة والانشقاق في صفوف شعب يواجه تحديات جمّة أهمها الاحتلال وإلغاء الهوية، وقد أدى تشرذمهم وتخليهم عن قرارهم المستقل بالجري خلف قوى استغلت «الورقة الفلسطينية» وتوظيفها لخدمة مخططاتها التي لا ترى في القضية الفلسطينية إلا إحدى الركائز التي تساعدهم على تنفيذ أجنداتها التي لا تخدم الشعب الفلسطيني في محصلاتها النهائية.

اتفاق الدوحة وفق التصنيف الاصطلاحي يُعد حلاً وسطاً بين قطبي النضال الفلسطيني حركتي فتح وحماس، إلا أنه ومن الناحية العملية يُعد توافقاً مجدياً قابلاً للتنفيذ كونه يعتمد على تشكيل حكومة كفاءات وطنية مهنية مستقلة لها مهمة محددة تنحصر في الإشراف على إجراء انتخابات نزيهة تتيح للشعب الفلسطيني اختيار ممثليه الذين سيقودون المرحلة القادمة.

هذا الاتفاق والذي يأمل محبو فلسطين وأهلها أن يكون حظه من التنفيذ أفضل من الاتفاقات السابقة التي عرقل تنفيذها المصالح الحزبية الضيقة وتدخلات القوى الإقليمية والدولية التي لا تريد الخير للفلسطينيين بقدر ما تسعى إلى تحقيق أهدافها ومصالحها، ولهذا فإن على الفلسطينيين التمسك وبقوة باستقلالية قرارهم ومواقفهم والعمل لمصلحة قضيتهم دون الالتفات إلى أي مسألة أخرى، فقد أثبتت الأحداث أن من كانوا يرفعون شعارات الممانعة والشعارات الأخرى لم يكن هدفهم تحقيق الخير للفلسطينيين بقدر استغلالهم لتنفيذ أجنداتهم، ولهذا فإن تنفيذ الاتفاق هو الفرصة الأخيرة لتأكيد القادة الفلسطينيين على التمسك بقضيتهم العادلة وخدمة مشروعهم التحرري، وليس خدمة أطماع الآخرين.