تأتي دعوات قيادات جماعة الإخوان المسلمين لاستمرار المظاهرات من أجل عودتهم إلى الحكم في مصر لتقطع الشك باليقين في أنهم لن يقبلوا باستقرار مصر إلا إذا تحققت أحلامهم في السيطرة على الدولة من جديد، وهذا إن حدث – ولن يحدث وفق المؤشرات – سوف يجعل الشعب يخرج ثانية ضدهم مما يعني أيضا عدم استقرار مصر إن كان الإخوان في الحكم.
تلك المعادلة العصية على الحل يصر الإخوان المسلمون على تعقيدها أكثر من خلال قيامهم أمس بتلبية لنداءات قادتهم "المتوارين" بمظاهرات مصحوبة بالعنف في عشرات المواقع في العاصمة القاهرة وغيرها ليؤكدوا بذلك صواب القول بعدم أهليتهم لحكم دولة بحجم مصر، فمن يمارس العنف بهذا الشكل وهو ليس صاحب سلطة، فإنه على الأغلب سيكون أكثر عنفاً وهو على رأس السلطة ممتلكا القوة وأدوات السيطرة.
أما استعطافهم للعالم من خلال إظهار أنفسهم كضحايا عبر تسمية مضللة لجمعة أمس فهو خدعة لن تنطلي إلا على المغررين بهم من أنصارهم الذين خدعتهم شعارات الإخوان الدينية، وهؤلاء سوف يتخلون عن الإخوان عند انكشافهم لهم، ليبقى الإخوان "المنضمين للجماعة رسميا" في نهاية المطاف وحدهم من غير مؤيدين.
لذلك على التحالف الوطني الموالي لجماعة الإخوان المسلمين أن يدرك الحقيقة ويبتعد عن الانجراف وراء الجماعة ظنا منه أنه يسهم في تحقيق مطالبها التي لن تتحقق في ظل إصرارهم على تحدي إرادة عشرات الملايين من المصريين ممن لفظوا الجماعة بعد أن جربوها عاما كان بالنسبة إليهم مليئا بالمرارة والانحدار في مختلف النواحي الاقتصادية والسياسية والمجتمعية والثقافية بل وحتى الدينية... ويفترض بذلك التحالف وغيره ممن يصطف إلى جانب الإخوان أن يصطف إلى جانب الشعب فإرادته في النهاية هي التي سوف تصبح واقعا كي تعود مصر إلى سابق عهدها.
كل ما يصنعه الإخوان المسلمون اليوم لن يتجاوز كونه فوضى ممنهجة، وشلا لمسارات النهضة في مصر وإشغال الأمن المصري بهم بدل أن يتفرغ لصناعة الاستقرار.. وهذا يبعدهم أكثر عن طموحاتهم القديمة لأن الشعب تنبه لفكرهم وخطرهم، لذا لابد من محاسبة القيادات الإخوانية المحرضة على العنف سواء المعتقلة منها أو الهاربة، فشعب مصر وتنميتها ونهضتها ومستقبلها ليست لعبة بيد أحد.