عندما تحدث الرئيس الأميركي عن احتمال استخدام السلاح الكيماوي في سورية قال إنه "خط أحمر" لن تسمح أميركا لأي طرف بتجاوزه. ولأن النظام السوري قد استخدم غاز السارين السام قرب دمشق وقتل المئات، فإنه بذلك قد احتفل على طريقته بالذكرى السنوية لذلك "التحذير"، خاصة أنها ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها الأنباء عن استخدام السلاح الكيماوي في سورية.

مشكلة الضحايا الذين يسقطون في هذه الهجمات وغيرها أن أرواحهم تفقد اهتمامها بالألوان، وكل يوم يسقط المزيد من الأبرياء نتيجة الاقتتال الذي يزداد قسوة ووحشية في هذا البلد. وكما حدث في المرة الماضية في خان العسل، اتهمت المعارضة قوات النظام باستخدام الكيماوي في ضرب مناطق مدنية ونشرت مشاهد مفجعة لضحايا الهجوم، وردت أجهزة النظام بإنكار الجريمة واتهمت المعارضة بتلفيق الأكاذيب ضدها، خاصة في ظل وجود فريق التحقيق الدولي آنذاك.

وكما هو الحال منذ أكثر من عامين ونصف، وجدت المعارضة من يؤيد اتهاماتها للنظام، ووجد النظام من يدافع عن وجهة نظره ويتهم المعارضة ومؤيديها بـ"الاستفزاز" والخداع. كلا الطرفين يقدم أدلته التي تلتقي في نقطة واحدة فقط: سقوط عشرات الضحايا الأبرياء الذين ذهبوا ضحية صراع ظالم يقف العالم متفرجا عليه منذ أشهر طويلة دون أن تحركه "حقوق الإنسان" و"القانون الدولي" ولا أي عدالة أرضية أو سماوية للتحرك باتجاه إيجاد حل جذري يوقف سفك الدماء.

أمام المجتمع الدولي الآن فرصة ذهبية ليتحرك ويفرض حلا جذريا للصراع في سورية. فريق الأمم المتحدة المكلف بالتحقيق في استخدام أسلحة كيماوية موجود على الأرض في دمشق حاليا. وإذا كان المجتمع الدولي جادا في رفع الظلم عن الشعب السوري، فليقف مجلس الأمن بجدية وراء فريق التفتيش الدولي وليعلن عن حزمة إجراءات تصعيدية ضد من يثبت استخدامه للسلاح الكيماوي. ولتكن قرارات فريق التفتيش شفافة وبعيدة عن التسييس، لأن نتائجها ستحدد مصير شعب بكامله. هذا هو الموقف الذي ينتظره الشعب السوري من المجتمع الدولي: ألا يقف عند اتهامات هذا الطرف أو ذاك، بل يبحث عن الحقيقة بنفسه ويتصرف على أساسها.

بعيدا عن الخطوط الحمراء والصفراء.. لقد دفعت سورية ثمنا باهظا، ومن حقها أن ينصفها العالم وأن يتوقف مسلسل سقوط المزيد من الضحايا الأبرياء.