تجمع كافة التقارير الموثوقة ان واشنطن وحلفاءها الغربيين وخاصة باريس ولندن اتخذت قراراً بتوجيه ضربة موجعة لسوريا بعد اتهامها بتفجير جريمة الكيماوي في الغوطتين بضواحي دمشق.

   لقد وضعت وزارة الحرب الاميركية الرئيس أوباما في صورة الأهداف العسكرية والاستراتيجية المرشحة للضرب بصواريخ “كروز”، وحركت لهذه الغاية أربع مدمرات، بدأت باتخاذ مواقع للقتال قبالة الساحل السوري.

واشنطن اتخذت قرارها قبل ان تنهي اللجنة الدولية المكلفة بالتحقيق أعمالها.. معتبرة أن تأخير الموافقة السورية على عمل اللجنة، أسهم في غياب الأدلة وخاصة بعد قصف الأحياء التي حدث فيها التفجير، وهذا هو ايضاً فحوى تصريحات وزيري خارجية بريطانيا، وفرنسا اللذين يتهمان النظام مباشرة بارتكاب الجريمة، ويدعوان لمعاقبته، بعد أن تجاوز الخطوط الحمراء.

سيناريو ضرب دمشق يذكرنا بسيناريو ضرب العراق، وقد عملت واشنطن على اختلاق الأسباب والتبريرات لاسقاط النظام متذرعة بأسلحة الدمار الشامل، وخطورة تواجدها في يد نظام ديكتاتوري يهدد المنطقة كلها.

ومن هنا يجمع المراقبون على أن الضربة الاميركية قادمة لا محالة، وان الاختلاف حول ساعة الصفر والتي لن تتعدى أسبوعاً من الآن.

   تداعيات هذه الحرب الخطيرة على القطر الشقيق والمنطقة كلها، تثير القلق والخوف في ضوء استذكار ما حدث للعراق الشقيق، إذ ادى الاحتلال الاميركي الى تدميره، وتحويله الى دولة تعيش في العصور الوسطى.. فلا ماء ولا كهرباء، وقد انتشرت الامراض، وعمت الفوضى، وفُقد الأمن والاستقرار، وقد حُلّ الجيش العراقي، واصبحت بلاد الرافدين مأوى للمتطرفين والجهاديين الذين عاثوا ولا يزالون في القطر الشقيق موتاً وخرابا، واسهموا في اشعال الفتنة المذهبية التي أدت الى مقتل مئات الالوف، ولا تزال نيرانها ملتهبة، وقد عمّت كافة أرجاء العراق.

   إن قيام واشنطن وحلفائها بضرب القطر السوري الشقيق وتدمير منشآته، ومرافقه الاستراتيجية والحيوية سيدخله في مرحلة جديدة عنوانها الفوضى الهدامة، والتي تستمر طويلاً، وسيدفع ثمنها بالتأكيد الشعب السوري الشقيق ودول الجوار التي ستصلها حتماً النار السورية الملتهبة، والتي لن تقف عند حدود، أو سدود، وهذا يتطلب من هذه الدول أن تتخذ الاحتياطات اللازمة لحماية حدودها وأمنها الوطني والقومي قبل ان تصل اليها رياح الفوضى الهدامة.

   إن الخطر الماحق الذي يتعرض له الشعب الشقيق يعيدنا الى التذكير بالأخطار الجسيمة التي ارتكبها النظام السوري ورفضه في البداية الانصياع الى ارادة شعبه، واحترام خيارات هذا الشعب في الحرية والكرامة والديمقراطية وتداول السلطة، والأخذ بخيار القوة العسكرية والامنية، والذي أشعل فتيل الحرب الاهلية والمذهبية، وفتح الباب على مصراعيه للتدخلات الاجنبية بعد أن اصبحت بلاد الشام ساحة للحرب الباردة بين روسيا وحلفائها واميركا وأتباعها.

   مجمل القول: واشنطن وحلفاؤها اتخذوا قرارا بضرب سوريا بتهمة التفجير الكيماوي في الغوطتين، وقد بدأ العد التنازلي لهذه الضربة الصاروخية الموجعة، ولكن لن يكون مصير القطر الشقيق بأفضل من مصير العراق، وستصل تداعياتها الى كافة دول الجوار، وسيكون الخاسر الاول هو الشعب الشقيق والذي قد تطول معاناته سنوات وسنوات.. ما يفرض على الدول المجاورة وخاصة الاردن ان تتخذ كافة الاجراءات لحماية حدودها وأمنها الوطني والقومي حتى لا تصل اليها ألسنة اللهب التي بدأت ترتسم في أفق الشام.