حرص جلالة الملك عبدالله الثاني على تذكير الأمة من جاكرتا الى طنجة بال؟أخطار المحدقة التي تتعرض لها مدينة القدس، وتستهدف هويتها العربية- الاسلامية، التي استعصت على المحتلين منذ فجر التاريخ والى اليوم، واثبتت انها راسخة رسوخ جبال هذه المدينة ، وثابتة ثبات زيتونها المقدس، ولن تستطيع قوة مهما علت أو بغت أن تغير هذه الهوية ، أو تطمسها، فلقد استعصت على الصليبيين والفرس والرومان والهكسوس ... الخ وحتما ستستعصي على الصهاينة العتاة.

ومن هنا ذكّر جلالته الأمة بواجباتها في الدفاع عن هذه الهوية، وفي الوقوف بوجه الممارسات الصهيونية الاستئصالية، التي تهدف الى تهجير أهلها، وإعلانها عاصمة اسرائيل اليهودية، ما يستدعي دعم صمودهم وخاصة الاشقاء المسيحيين، كونهم المستهدفين بالدرجة الاولى، بعد ان أثبتت الاحداث والوقائع ان وحدة المسلمين والمسيحيين أقوى من المؤامرات الصهيونية، وأقوى من حقد قتلة الانبياء، فهم أبناء شعب واحد، وينتمون الى وطن واحد، وحضارة واحدة .

إن سياسة العدو الصهيوني قائمة على (فرق تسد) .. ترعى الخلافات بين أبناء الشعب الواحد وتعمل على زراعتها في الارض العربية، كوسيلة ناجعة لضرب وحدة الشعوب.   

ومن هنا نجدها أول من قام ومهد ودعم الفتنة الطائفية في لبنان، وقبلها في جنوب السودان وشمال العراق، وها هي تعمل على صب الزيت على نارها المتقدة في سوريا ومصر والعراق لضرب وحدة هذه الأقطار، ونشر الفوضى الهدامة، كما خطط أعداؤها كسبيل وحيد لإعادة تقسيمها والسيطرة عليها ونهب خيراتها .

وفي هذا السياق استنهض جلالة الملك القيم الاسلامية - المسيحية للجم هذه الفتنة البغيضة التي تستبيح الأمة وحولتها من أمة واحدة، إلى شيع وأحزاب تفترسها الخلافات العميقة، وتعود بها الى أيام داحس والغبراء.

إن دعم صمود أهلنا المسيحيين في القدس العربية المحتلة يؤكد مكانة التعايش الاسلامي- المسيحي ، والذي مر عليه اكثر من اربعة عشر قرنا ويزيد، منذ العهدة العمرية الى اليوم وأثبت انه أقوى من العاديات، ومن الاحتلال، وشاهد على ان هذه الارض المقدسة ستلفظ الصهاينة الغزاة كما لفظت الأمم الاخرى التي تجرأت على احتلالها وتدنيسها.   

وفي هذا الصدد لا بد من الاشارة الى ان العدو الصهيوني يستغل المستجدات التي تعصف بالأمة وخاصة في الأقطار الشقيقة، ويقوم برفع وتيرة التهويد والاستيطان وتدنيس الاقصى، والذي اصبح نهجا يوميا، وهذا ما نبه إليه جلالة الملك اكثر من مرة ، محذرا من تراجع القضية الفلسطينية على أجندة الدول الشقيقة، وهو ما يدفع العدو الى رفع وتيرة العدوان كفرض للأمر الواقع وتنفيذ مخططاته وخططه التوسعية.

مجمل القول: لا مناص امام الأمة من الدفاع عن القدس والتصدي للعدوان الصهيوني الغاشم، الذي يستهدف شطب هويتها العربية- الاسلامية، وتحويلها الى مدينة يهودية، وهذا يستدعي دعم أهلنا الصامدين ، وبالذات الاشقاء المسيحيين، للتصدي لهذه الغزوة الفاشية ، التي تستغل المستجدات العربية لفرض الأمر الواقع وسلخ القدس عن أمنها.   

 (ان تنصروا الله ينصركم) صدق الله العظيم.