إسرائيل أعدت العدة وبيتت النية وحشدت جنودها للاعتداء على المصلين في المسجد الأقصى، فهي بذلك لا تراعي حرمة المسجد ولا قدسيته لدى المسلمين، بل إنها تسعى لاجتثاثه وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، متحدية كل الأعراف والمواثيق الدولية بضرورة احترام أماكن العبادة. وذلك كله يندرج تحت عنوان عريض هو التهويد، فهي في سعيها المحموم لطمس المعالم الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس تسعى لتحويلها للمعلم اليهودي من أجل أن تقنع العالم بزيف ادعائها بأن لها أحقية تاريخية بفلسطين والقدس على وجه الخصوص.
عدوان مستهجن ذلك الذي قامت به سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق المصلين في المسجد الأقصى، فقد حشدت كل طواقمها الإجرامية من الوحدات الخاصة، والقناصة، والمستعربين، والشرطة التي انتشرت في ساحات ورحاب الأقصى بالكامل، وتمركزت على سطح الصخرة والمصلى المرواني، وعلى أبواب المسجد القبلي، وخلال ذلك قامت برش غاز الفلفل على المصلين داخل الأقصى، واعتدت على المصلين عامة بالضرب بالهراوات وبدفعهم حيث منعتهم من المرابطة في ساحاته، كما اعتقلت 15 مقدسيًا أثناء خروجهم من أبواب المسجد واقتادتهم إلى جهة مجهولة.
سلطات الاحتلال تواصل ومنذ فترة تدنيس المسجد الأقصى عبر اقتحامه بشكل يومي من قبل الشرطة مصطحبة معها قطعان المستوطنين الذي يستفزون المصلين بممارسة صلواتهم التلمودية من أجل فرض واقع جديد تسعى له إسرائيل من خلال موطئ قدم لها فيه عبر الترويج لفكرة اقتسامه كما فعلت في الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل والذي تغلقه كيفما شاءت في وجه الفلسطينيين من أجل أن يمارس الإسرائيليون طقوسهم الدينية فيه.
إن الاعتداء على القدس الشريف والمسجد الأقصى لم يبدأ منذ أمس فقط بل يعود لعشرات السنين منذ وطِئ الاحتلال أرض فلسطين حيث وضعت العصابات اليهودية نصب عينيها القدس وبذلت في سبيل ذلك الغالي والنفيس إلى أن سيطرت عليها في نكسة 1967، وسرعان ما تكشفت النوايا الخبيثة بإحراق المسجد الأقصى المدبر من أجل التخلص منه وبناء الهيكل المزعوم، إلى أن دارت عجلة التهويد باغتصاب حائط البراق وتغيره لحائط المبكى، كذلك الاستيطان الذي يحيط بمدينة القدس إحاطة السوار بالمعصم.
المقدسيون يخوضون معركتهم الأخيرة للبقاء في القدس، فهم يواجهون يوميا الممارسات التهويدية، فحربهم مع الاحتلال حرب وجود وحرب هوية فيتعرضون لقرارات الإخلاء وهدم منازلهم ومصادرة أملاكهم كذلك الاعتقالات الجائرة، ناهيك عن تصدّيهم اليومي لاقتحام الأقصى فهم في رباط دائم في مواجهة الجرائم الإسرائيلية.