لا شك أن المجتمع لدولي يترقب بحذر بداية الضربة الأميركية لسورية ردا على استخدام السلاح الكيماوي، إذ أصبح في حكم المؤكد تقريبا أن حكومة الولايات المتحدة اتخذت قرار الضربة وحددت الأهداف والخط الزمني. ومع ذلك تبقى أمور جانبية يجب أخذها في الحسبان في حال حدوث هذه الضربة.

القضية الأولى هي احتمال استغلال الكيان الإسرائيلي انشغال العالم بما يحدث في سورية، ليقوم بإجراءات استيطانية واسعة في الأراضي المحتلة، بل وربما تهجير أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى خارج الأراضي المحتلة تمهيدا لضمها بشكل نهائي إلى إسرائيل، في إطار خطة ترحيل خارج فلسطين يعمل على وضعها اليمين الإسرائيلي منذ زمن بانتظار اللحظة المناسبة لتنفيذها.

من ناحية أخرى، حتى لو نجحت الولايات المتحدة في تضييق أفق الضربة ومنع اتساعها، فإن إضعاف القوة العسكرية للنظام السوري ستؤدي إلى حدوث فراغ أمني وسياسي في البلد تكون له تداعيات خطيرة. فهناك مخاوف جدية بأن يؤدي ذلك إلى مذابح انتقامية في مناطق متعددة من سورية بحيث يحاول البعض تسوية حساباتهم الشخصية في ظل الفوضى الأمنية التي قد تنجم عن الضربة. مثل هذه الفوضى قد تقود، في حال اتساعها إلى تطهير عرقي لبعض المناطق وربما إلى تقسيم للبلد إذا لم يتم التعامل معها ومنعها بشكل فوري.

من الأمور الأخرى التي تثير القلق، احتمال سيطرة بعض المنظمات المرتبطة مع تنظيم القاعدة على مناطق واسعة من سورية، خاصة أنها موجودة بقوة على الأرض وتقوم بنشاطات عسكرية واسعة. سيطرة التيارات المتشددة ستؤخر بالتأكيد عودة الاستقرار إلى بلد فيه تنوع عرقي وطائفي وقومي كبير في جميع المناطق تقريبا، وهذا سيشكل عائقا أمام تحقيق أهداف هذه التيارات.

وبالطبع فإن الخوف الأول من انتشار الفوضى هو أن تنتشر أعمال النهب والسلب والقتل كما حدث في العراق رغم وجود قوات أميركية على الأرض.

إن الضربة الأميركية لسورية، قد توفر فرصة تاريخية لإحداث تغيير حقيقي على الأرض إذا تم تنفيذها والإعداد لها بشكل مثالي. بمجرد بدء الضربة، يتوقع المراقبون أن تستغل الفصائل المسلحة ذلك لتحقيق تقدم في مناطق متعددة، خاصة في العاصمة دمشق. وربما يوفر ذلك ظروفا أفضل للوصول إلى اتفاقية لوقف إطلاق النار والانتقال إلى مرحلة التفاوض في جنيف 2 لتجنب إدخال البلد في مرحلة الفوضى، أو إسقاط النظام الدموي وإنهاء جبروته.