حين يتحدث وزير الخارجية الروسي لافروف أمس عن "توافق روسي أميركي أممي على أن الحل السياسي هو الأنسب لوقف العنف في سورية"، فإنه يتجاهل أن روسيا هي التي عطلت مراراً مبادرات الحل السياسي قبل أن تبلغ الأمور طريقاً شبه مسدود، ولعل من أهمها مبادرة جامعة الدول العربية مطلع العام 2012 التي رفضها النظام السوري، فحملها ممثلو الجامعة العربية إلى مجلس الأمن في فبراير 2012، لكن روسيا مع الصين واجهتا بالفيتو مشروع القرار الأممي الداعي إلى تبني خطة عمل الجامعة العربية وما صدر عنها لاحقاً من قرارات؛ بما في ذلك القرار الذي يهدف إلى التوصل إلى حل سلمي للأزمة، وأهمية ضمان عودة اللاجئين والمشردين إلى ديارهم في أمان وكرامة.
فبأي منطق تريد روسيا إقناع العالم بأنها تريد التوصل إلى حل سلمي للأزمة، فيما كل المؤشرات تقول إنها تريد حلاً يتضمن الإبقاء على بشار الأسد في الحكم برغم كل ما فعله بشعبه. وهو أمر ترفضه المعارضة ولا يقبل به الشعب بعد أن دمر الأسد مدنه وقتل منه ما قتل.
إلى ذلك، فإن الائتلاف الوطني السوري لم يكن فاعلاً بما فيه الكفاية لإقناع الدول المؤثرة بقدرته على إدارة شؤون الدولة عند سقوط النظام الحالي، بمعنى أن البديل المؤثر المتمكن كما يفترض لم يظهر بالصورة المطلوبة، فالائتلاف لم ينجح في التوصل إلى اتفاق على كثير من النقاط، وربما تكون اجتماعاته التي عقدت خلال اليومين الماضيين في إسطنبول لمناقشة كثير من الأمور منها اختيار رئيس موقت للوزراء قادرة على تغيير بعض قناعات تلك الدول فتتعاون مع الائتلاف بما فيه صالح الشعب السوري، وحين تتحدث الرئاسة الفرنسية أمس عن اتفاق بين فرنسا وثلاث دول عربية على تعزيز دعم المعارضة السورية، فإن ذلك يحمل تفاؤلا - وإن كان جزئيا – ببعض المتغيرات في التعامل مع المعارضة.
الأزمة السورية مستمرة ما دامت روسيا هي اللاعب الرئيس فيها، والحل السياسي لن يرى النور إلا إذا تخلت روسيا عن دعم بشار الأسد وحماية نظامه، وفي تلك الحال يمكن لمؤتمر جنيف 2 أن يثمر، ليبدأ السوريون مرحلة ما بعد الأسد.