الأزمة السورية تزداد تعقيدا، وإذا كان النظام المجرم يتحمل مسؤولية حمام الدم السوري، وإدخال هذا البلد في دوامة الفوضى والحرب الأهلية والصراعات السياسية والحروب بالوكالة، فإننا ينبغي أيضا أن نتوقف عند الأسباب التي حالت دون إسقاط نظام الأسد، ووقفت عائقا أمام المجتمع الدولي في محاولاته إنهاء الملف السوري، وتركت لروسيا ونظام الأسد ذرائع قوية للضغط السياسي من أجل بقاء النظام وتشويه صورة الثورة الشعبية. أحد أهم هذه الأسباب هو عدم اتحاد الجماعات المسلحة التي تحارب النظام تحت لواء الائتلاف الوطني المعارض. لقد رفضت الجماعات الجهادية الانضمام إلى الائتلاف السوري المعارض والمعتدل، والذي يمثل تقريبا رؤى وأهداف وتوجهات الإنسان السوري في مواجهة النظام، والذي يستطيع أيضا إدارة ملف المعارضة سياسيا، بعكس الجماعات السلفية الأخرى التي تقاتل من أجل إقامة دويلات طائفية أو لأهداف تتقاطع مع مصالح تنظيم القاعدة.
الآن في سورية هناك جبهة النصرة، ودولة العراق الإسلامية، وكتائب أحرار الشام، ولواء التوحيد ولواء الإسلام وصقور الشام، والجماعات الثلاث الأخيرة كانت تتحد مع الجيش الحر الذي يمثل الائتلاف الوطني، والذي يمثل بنظرنا نهج المقاومة الوطنية المشروعة ضد النظام السوري. لكن الذي حدث هو أن هذه الجماعات وقعت بيانا يدعو إلى إعادة تنظيم المعارضة المسلحة في إطار إسلامي، أي أنها باختصار تعلن خروجها عن الجيش الحر.
لو أن هذه الجماعات أجمعت أمرها على الانضمام تحت الائتلاف الوطني لاستطاعت دون شك أن تسقط النظام، ولكنها تقاتل لأغراض متباينة، ولأهداف سياسية متعددة، وبخطط ووسائل مختلفة، لأن الولاء يختلف من تنظيم لآخر، لذا لم يكن باستطاعتها أن تتحد، بل إن بعض هذه الجماعات بدأت تحاول بالقوة فرض سيطرتها على الفصائل المعارضة الأخرى، هذه النقطة كانت عامل حسم مهماًّ في تصاعد الحضور السياسي لحلفاء بشار. بعض مقاتلي الجيش الوطني الحر انضموا إلى بعض الجماعات الجهادية، والعكس كذلك، هذا الأمر أيضا حال دون التدخل العسكري المباشر ضد النظام، لأن البديل غامض ومجهول، بل قد تعود هذه الفصائل لتأكل بعضها في حال سقوط النظام.
إعلان الجماعات الجهادية الخروج من عباءة الجيش الحر؛ يقوض كل الفرص الممكنة لإسقاط النظام عسكريا، لأن المواجهة التي تنتهجها هذه الجماعات مع النظام لا تنطلق من مبادئ وطنية.