يواصل رئيس النظام السوري بلا كلل من خلال المقابلات الصحفيّة مع شبكات التلفزة وآخرها المقابلة مع تلفزيون "راي نيوز-24" الإيطالي محاولة الحصول على شهادة "حسن سلوك" لنظامه من المجتمع الدولي بتأكيده على التزام نظامه بقرار مجلس الأمن الذي يطلب من سوريا إزالة جميع أسلحتها الكيميائيّة.



تأكيدات رئيس النظام السوري الذي ضحّى بالتوازن الإستراتيجي مع "العدو الإسرائيلي"، ومحا من تصريحاته كل ما كان يروّج عن السيادة الوطنيّة والقرار الوطني المستقل، تأتي في الوقت الذي يستعدّ فيه الخبراء الدوليون للتوجّه إلى سوريا مطلع الأسبوع المُقبل لبدء عملية لنزع الأسلحة الكيميائيّة السوريّة، حيث سيكونون أصحاب القرار الأوّل والأخير خلال الأشهر وربما السنوات المُقبلة في تفتيش كل شبر في الأراضي السورية بما يتناقض مع - أكذوبة السيادة الوطنية - بحثًا عن أسلحة النظام الكيمائيّة التي قدّمها ثمنًا للاستمرار في السلطة.



لقد كان بمقدور النظام السوري، الذي قتل أكثر من مئة وعشرين ألف من أبناء شعبه وهجّر الملايين من بيوتهم ودمّر المدن والبلدات السورية بالطائرات والصواريخ وبراميل الموت وأعاد سوريا عشرات السنين إلى الوراء وسلّم أخيرًا سلاح الردع السوري صاغرًا، أن يوفّر على الشعب السوري المأساة التي ما زالت مستمرّة ويحقن دماءه من خلال الاستجابة لمطالب الشعب بالحريّة والديمقراطية والكرامة الإنسانية وكان بمقدوره لو استعمل لغة العقل والحكمة أن يكون جزءًا من الحل في سوريا لا أن يكون سببًا لنكبة الشعب السوري.



لقد كتب النظام السوري نهايته بيده باعترافه بحيازة السلاح الكيميائي وقبوله إزالة هذا السلاح وتدميره ومن ثم خضوعه لسلطة المُفتشين الدوليين الذين يعملون وفقًا لقرار دولي مُلزم، فهو واهم إن ظنّ أنه اشترى بقاءه للأبد "بصفقة الكيماوي" الروسيّة الأمريكية التي سترتدّ عليه عاجلاً أم آجلاً، فالصفقة التي جرت أجلت سقوطه فقط ولم تمنحه شهادة البراءة أو حسن السلوك التي يبتغيها.



إن تواصل المجازر التي يقوم بها النظام ضدّ أبناء الشعب السوري أمام سمع العالم وبصره يؤكّد مرّة أخرى أن اختصار الأزمة السورية بـ"قضية الكيماوي" هي خطيئة سيندم المجتمع الدولي عليها كثيرًا، فالشعب السوري لم يقم بالثورة من أجل تدمير السلاح الكيميائي بل قام بالثورة من أجل الحرية والتغيير، وهو ماضٍ في ثورته رغم خذلان المجتمع الدولي له.



لم يعد أمام الشعب السوري ما يخسره فهو كسر قيوده وثار على النظام الديكتاتوري ولن يهدأ أو يتوقف حتى تتحقق المطالب العادلة التي ضحّى وما زال يُضحي من أجلها الملايين من أبناء سوريا.