لم تتوقف الاعتداءات الصهيونية على الاقصى والقدس، وها هي مستمرة، وبشكل شبه يومي، وفي صور مختلفة بدءاً من الاستيطان وليس انتهاء باستباحة الحرم القدسي والمطالبة باقتسامه على غرار الحرم الابراهيمي، لاقامة الهيكل المزعوم على انقاضه.
العدو الصهيوني لم يخف اهدافه، فوزير الاسكان يعتبر الاقصى ملكاً لليهود، لأنه مقام على أرض جبل الهيكل المقدس، والكنيست الصهيوني يشرّع دخول اليهود الى المسجد متى يشاؤون، ضارباً القانون الدولي عرض الحائط، رافضاً الاستجابة للنداءات الدولية، التي تدعو حكومة العدو الى ضرورة احترام المعاهدات الدولية ذات الصلة، وخاصة جنيف الرابعة التي تحظر اجراء أي تغيير على جغرافية وديمغرافية المناطق المحتلة، وتدعو سلطات الاحتلال الى ضرورة احترام شعائر وعبادات الشعوب الواقعة تحت سيطرتها، وتوفير الاجواء المناسبة لتأدية هذه الشعائر والصلوات بمنتهى الحرية.
ان خطورة جرائم العدو هذه انها تتم في الوقت الذي تجري فيه المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي على بعد أمتار فقط من الاقصى، الذي يتعرض لأبشع اعتداءات صهيونية على يد قوات الاحتلال ورعاع المستوطنين، الذين يعيثون بأقدس مقدسات المسلمين خراباً وتدميراً ويمارسون الانحلال الأخلاقي بصورة مقرفة مقززة، ويعملون ليل نهار على تهويد القدس وتحويلها الى مدينة توراتية باغلبية يهودية..
هذه الممارسات الاحادية التي تقارفها سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وضد مقدساته هي ارهاب دولة، وليس عملاً فردياً، يقوم به مستوطن أحمق حاقد، وانما تقوم به دولة عضو في الأمم المتحدة، وفق نهج خبيث يهدف بالاساس الى تهويد القدس، ومنع اقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً، بعد تحويل الارض المحتلة الى جزر معزولة، أو كانتونات على غرار نموذج “الابرتهايد” العنصري في جنوب افريقيا، ابان التمييز العنصري البغيض.
ويزيد الصورة قتامة وبؤساً وقوف الولايات المتحدة الاميركية موقف المتواطىء، او بالاحرى موقف الداعم للاحتلال، وهو ما يتناقض مع دورها باعتبارها الراعية الوحيدة للعملية السلمية.. ما يفرض عليها ان تعمل على تطبيق القانون الدولي، وتلزم اسرائيل بوقف الاستيطان، وكافة جرائم التطهير العرقي، ورفع الحصار عن قطاع غزة والذي هو حصار لا أخلاقي وغير قانوني، ويشكل امتهاناً لكرامة الانسان وللمجتمع الدولي بكامله وعلى رأسه مجلس الامن الذي يقف مكتوف اليدين أمام هذه الفاجعة الخطيرة التي تهدد حوالي مليوني فلسطيني، مضى على حصارهم اكثر من ست سنوات.
مجمل القول: لم يعد مقبولاً ان يستمر العدو الصهيوني في تنفيذ خططه ومخططاته التهويدية التوسعية، وفرض الامر الواقع، مستغلاً المستجدات التي تضرب المنطقة والدعم الاميركي اللامحدود...
وليس معقولاً ايضا ان تلتزم الدول الشقيقة الصمت المطبق وكأن الامر لا يعنيها، وان الضحية ليست من لحمها أو دمها، وان الاقصى ليس جزءاً من عقيدتها ودينها..!!
ولم تعد المفاوضات ذات معنى، بل اصبحت احجية يصعب تفسيرها اذا ما استمر العدو في رفض وقف الاستيطان وفي الاستمرار في تهويد القدس والاقصى.
ان الارهاب الذي يضرب القدس والاقصى والشعب الفلسطيني من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب ارهاب دولة يستحق رداً قوياً غير عادي.. يبدأ بتجميد الاتفاقات والمعاهدات، ولا ينتهي بعودة الصراع الى المربع الاول واطلاق المقاومة كسبيل وحيد لانقاذ اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين...
“وان تنصروا الله ينصركم”... صدق الله العظيم.