القيادة المميزة تستوجب توازناً بين الجانبين الذهني والبدني، إذ يواجه القائد تحديات يومية تتطلب تركيزاً عالياً، وقدرة على التحمل، والعمل تحت الضغط، مع أهمية التمكن من اتخاذ قرارات حاسمة.

من هذا المنطلق تبرز أهمية الرياضة، فهي ليست مجرد نشاط بدني ترفيهي، بل أداة فعّالة لتعزيز الصحة العقلية، وتحسين اللياقة البدنية، وزيادة الإنتاجية.

في هذا المقال، سنستعرض كيف تشكل الرياضة عنصراً أساسياً في بناء قائد قوي، ومُلهِم، ومؤثر بشكل إيجابي في الآخرين.

السؤال الجوهري في مقال اليوم، طرحه أحدهم على صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وهو: «ما العلاقة بين القيادة وممارسة الرياضة، وهل هناك أي ارتباط بينهما؟».

الإجابة نجدها موثقة في كتاب ومضات من فكر: أفكار وآراء من وحي الجلسة الحوارية في القمة الحكومية 2013، في الموضوع المعنون: «القيادة في الجسم السليم»، إذ أجاب سموه عن السؤال قائلاً: «هل يمكنك أن تتخيل قائداً خاملاً كسولاً؟ لا بُدَّ أن يكون القائد لائقاً صحياً ورياضياً، نشيطاً بدنياً ونفسياً، قوي الجسم، منتبه العقل، ولو صحّت الاستعارة يمكن أن نقول القائد السليم في الجسم السليم».

كثير من الناس مع الأسف يدّعون بأنهم لا يملكون وقتاً لممارسة الرياضة، ولكن هؤلاء أنفسهم، سوف يجدون الوقت لزيارة الأطباء والمستشفيات، وسوف يجدون المُبرر أيضاً لإنفاق أموالهم لمعالجة الأمراض الناتجة عن السُّمنة، وعن المبالغة في تناول الطعام، ولعدم ممارستهم الرياضة.

في هذا الشأن، يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «يتحجج البعض بكثرة الأشغال عن الرياضة، وأنا أقول له ماذا ستفعل بالمال من دون صحة؟ والبعض يتحجج بالبحث والتعلم والقراءة، وأقول له أيضاً ماذا ستفعل بالعلم من دون صحة؟ وقس على ذلك كل شأن في حياتك، حتى استمتاعك مع أولادك وأسرتك وأهلك لا يكتمل من غير صحة».

البعض لا يستطيع أن يقاوم الطعام، ويصعب عليه الالتزام بالرياضة على الدوام. بشأن هؤلاء نجد تعليقاً بليغاً لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يقول فيه: «الذي يحكم نفسه يستطيع أن يحكم غيره، ويحكم العالم من حوله، والذي لا يملك نفسه فهو عن غيره أعجز».

ينبغي أن يكون للقائد برنامج يومي لممارسة الرياضة؛ كي يحافظ على لياقته البدنية، وصحته الذهنية.

في هذا المقام، يمكن الاستفادة من برنامج صاحب السمو الشيخ محمد راشد آل مكتوم، إذ يقول سموه: «بالنسبة لي شخصياً، الرياضة جزء من برنامجي اليومي، ولا أعتقد أني سأستطيع تحريك فرق العمل عندي من دون أن أتحرك أنا شخصياً وأكون في كامل طاقتي وصحتي.

فالرياضة لا تنمي عضلات جسمك فقط، بل تنمي أيضاً عضلات عقلك.

أحب أن أمشي يومياً ما لا يقل عن 3 كيلومترات، وفي كل أسبوع لمرة واحدة أمشي 10 كيلومترات، وفي كل أسبوعين أيضاً لمرة واحدة أمشي 20 كيلومتراً. هذا هو تمريني الثابت، عدا ما أمارسه من هوايات رياضية كركوب الخيل وركوب الدراجات وغيرها.

وبرنامج التمرين اليومي هو وقت إنتاجية أيضاً، حيث أستمر فيه بمتابعة الأعمال عن طريق الهاتف».

تحقيقاً لجودة الحياة، نختم مقال اليوم بنصيحة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يقول فيها: «نصيحتي لجميع إخواني وأخواتي بممارسة الرياضة بانتظام؛ فجودة الحياة ترتبط بجودة الصحة، وحجم الإنجاز في حياتك يرتبط بالطاقة والنشاط اللذين يسريان في جسمك، والصحة كنز كما يقولون، وأنا أقول إذا كان الوقت هو الحياة، فالصحة هي التي تعطي للوقت معناه وللحياة طعمها».

ويضيف سموه قائلاً: «ثق تماماً أن وقتك الذي تقضيه كل يوم في الرياضة هو استثمار ناجح من أجل صحتك، ومن أجل مستقبلك، واستثمار ناجح من أجل سعادتك».