في يوم الأربعاء 22 نوفمبر عام 1967 (57 عاماً من اليوم)، أصدر مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة وبإجماع أعضائه الخمسة عشر القرار الأشهر والأهم في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي وخصوصاً الشق الفلسطيني منه، وهو القرار رقم 242.

وقد جاء القرار بعد أكثر من خمسة شهور على العدوان الإسرائيلي في 5 يونيو من العام نفسه، على مصر وسوريا والأردن، واحتلالها ما تبقى من أراضي فلسطين التاريخية ممثلاً في الضفة الغربية وقطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية.

واعتقد البعض بعد صدور القرار أن حل صراع إسرائيل مع الشعب الفلسطيني وباقي الدول العربية قد اقترب للغاية، نظراً لتوافق القوتين الأعظم حينها، الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، عليه ومعهما دول أوروبا الرئيسية، ومعظم الدول المنخرطة في الصراع والحرب الأخيرة حينها.

ولكن السنوات مضت بعدها دون أي حل سياسي للصراع بكل محاوره، بل على العكس تماماً فقد نشبت حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل وتصاعدت العمليات الانفرادية للمنظمات الفلسطينية وعلى رأسها «فتح» تجاه إسرائيل وأهداف لها حول العالم.

وصولاً إلى حرب السادس من أكتوبر عام 1973، والتي شنتها مصر وسوريا على إسرائيل، ونجحت في تحريك ملحوظ لأوضاع الصراع، وخصوصاً على الجبهة المصرية، بعد نجاح الجيش المصري في دحر الجيش الإسرائيلي بعيداً عن شواطئ قناة السويس.

وتعد الملاحظة الرئيسة بعد تلك العقود الستة تقريباً التي تلت صدور القرار 242، وإصدار مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة عشرات القرارات الأممية التي سعت للتعامل مع المنعطفات الأساسية للصراع العربي – الفلسطيني – الإسرائيلي.

هو عدم تطبيق أي من هذه القرارات وفي مقدمتها 242، وتوقيع معاهدتي السلام الوحيدتين بين إسرائيل وكل من مصر والأردن على أسس للتفاوض المباشر، مع عدم التطرق لمضامين كل تلك القرارات.

ولقد تعرض القرار 242 لعديد من الانتقادات طول هذه السنين، وكان أشهرها المتعلق بالاختلاف بين نصيه الفرنسي والإنجليزي فيما يخص انسحاب القوات الإسرائيلية، من كل الأراضي التي احتلتها في حرب يونيو 1967 بحسب النصوص الفرنسية والروسية والإسبانية والصينية.

ومن «أراضٍ» احتلتها خلال هذه الحرب بحسب النص الإنجليزي. إلا أن الحرب الدموية الدائرة في المنطقة وخصوصاً في قطاع غزة منذ أكثر من عام وفي لبنان منذ أسابيع، والأحاديث الدائرة حول تسويات مؤقتة أو دائمة للصراع برمته، تفتح الباب من جديد للحديث عن القرار 242 ومدى استمرار صلاحيته لمثل هذه التسويات، خصوصاً الدائمة منها.

وفي هذا السياق، يأخذ كثير من الباحثين والسياسيين الجادين على هذا القرار أنه لم يتطرق لحل القضية الفلسطينية بصورة نهائية، حيث نص فقط على الحاجة إلى «تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين»، ولم يشر إلى الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.

إلا أن بعضاً من هؤلاء وغيرهم من السياسيين والباحثين، قد رأوا أن هذا القرار نفسه وفي ضوء القرارات الأممية الأخرى، يحتوي على ما يوصل إلى صلاحيته معها كأسس لأية تسوية نهائية للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

فالقرار «يؤكد عدم شرعية الاستيلاء على الأراضي عن طريق الحرب، والحاجة إلى سلام عادل ودائم تستطيع أن تعيش فيه كل دولة في المنطقة»، وهو ما يجب النظر إليها في ضوء قرار تقسيم فلسطين رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة عام 1947 إلى دولتين، واحدة يهودية والثانية عربية، مع اعتبار القدس كياناً متميزاً يخضع لنظام دولي خاص.

وتفضي قراءة القرار 242 في ظل التطورات الراهنة والمتراكمة خلال العقود الستة التي تلت صدوره، إلى اعتبار أنه، في ضوء ما سبق، لا يزال يتضمن المبادئ الأساسية لأي تسوية نهائية للقضية الفلسطينية.

وريما يزيد من إمكانية هذا، أن الشعب الفلسطيني ووفق قرارات الجمعية العامة أعوام 1974 و1988 و2012، قد أصبح ممثلاً في المنظمة الدولية عبر منظمة التحرير الفلسطينية بصفة دولة مراقب غير عضو، وتحمل اسم «فلسطين».

وكذلك قبول المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988، قيام دولة فلسطين على أساس قرار التقسيم لسنة 1947، واستعداد المنظمة لحضور مؤتمر دولي للسلام وفق القرار 242.

باحث وكاتب والرئيس الفخري لاتحاد الصحفيين العرب