الاصطفاف التاريخي الذي جرى في منطقة السميح يوم الثاني من ديسمبر، وشارك فيه الآلاف من خريجي الخدمة الوطنية وقوات الاحتياط، تحت شعار «وقفة ولاء»، في إطار احتفالات الدولة بعيد الاتحاد الثالث والخمسين، واحتفاءً بعشر سنوات من التميز والإنجاز لبرنامج الخدمة الوطنية، هذا الاصطفاف لا يعبر عن ولاء المنتسبين للخدمة الوطنية وقوات الاحتياط فقط، وإنما عن ولاء شعب دولة الإمارات، وعن مشاعر كل المقيمين على أرض الدولة تجاه القيادة التي رفعت من شأن مواطنيها، واحتضنت المقيمين على أرضها بحب واحترام، فبادلها المواطنون والمقيمون حباً بحب، لتأتي هذه الوقفة المشرفة كي تسجل في مشهد رائع توقيع وثيقة حب ووعد وعهد جديدة للقيادة الرشيدة، التي تبذل الغالي والنفيس من أجل المحافظة على منجزات الوطن، وتوفير أفضل سبل العيش لمواطنيه والمقيمين على أرضه.
لقد أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة بفضل السياسة الحكيمة التي تنتهجها القيادة الرشيدة أنموذجاً رائعاً لقيادة البلدان والشعوب نحو النهضة والتقدم، وتجنيبها شرور وويلات الحروب والأزمات، في زمن تعصف الاضطرابات بشعوب الأرض كلها، وتحول الكثير من البلدان إلى ساحات قتال، ومناطق صراعات على المال والثروات والنفوذ، لا سيما مع تنامي ميول السيطرة لدى بعض القوى، واتقاد شهوة التمدد لدى بعض الدول التي تسعى إلى بسط نفوذها في الأقاليم والمناطق ذات الثروات والمواقع الاستراتيجية، ومع ازدياد رغبة الدول ذات الأطماع التاريخية في السيطرة على بعض البلدان، والتحكم في مقدرات شعوبها، والهيمنة على قرارها.
لهذا يأتي هذا الاصطفاف التاريخي العظيم كي يعكس روح الفخر والانتماء الوطني، ويجدد العهد والولاء للقيادة التي جعلت مصالح الوطن العليا فوق كل مصلحة، واعتبرت أمن الوطن خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه، وحافظت على هذا الصرح الذي تسلمته من الآباء المؤسسين عظيماً، لتمضي به قدماً نحو مزيد من العلو والنهضة والتقدم.
في العيد الثالث والخمسين لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة تبدو دولتنا أكثر قوة، وتبدو فكرة الاتحاد أكثر رسوخاً في نفوس وعقول أبناء الدولة، ويبدو الانتماء للوطن مصدر فخر واعتزاز وشموخ، ويبدو الولاء لقادة الوطن عقيدة راسخة في نفوس الإماراتيين الأوفياء المخلصين لقادتهم ووطنهم.
لقد أثبت أبناء الإمارات على مدى السنوات الثلاث والخمسين الماضية أنهم قادرون على حماية هذا الوطن، ومواجهة كل التحديات، وتخطي كل العقبات، وبرهنوا بالقول الصادق والفعل الناجز أنهم سيف ودرع لوطنهم الذي لم يبخل عليهم بشيء، ولقيادتهم التي جعلت من دولة الإمارات منارة تهتدي بها كل الدول، وأنموذجاً فريداً للنجاح بين كل دول المنطقة والعالم. وإذا كانت خمسة عقود ونيّفٌ من الزمان قد حولت هذه الأرض، التي كانت ذات يوم صحراء قاحلة، إلى دولة عصرية تسعى كل بلدان العالم إلى تقليدها، وتحاول الشعوب الأخرى استنساخ تجربتها، فإن السنوات المقبلة ستثبت أن ما حدث لم يكن صدفة، وإنما هو نتيجة تخطيط وإصرار على النجاح والتميز في تحويل الأحلام والطموحات والأفكار إلى واقع معيش، وتؤكد أن العزم لم يفتر، بل يزداد كل يوم اتقاداً.
هذا الاصطفاف التاريخي العظيم، الذي جرى في هذا اليوم المجيد، جاء ليعبر عما في قلوب أبناء دولة الإمارات من محبة وفخر وولاء لوطنهم العظيم، ولقادتهم الأوفياء، وعن تصميمهم وانعقاد إرادتهم على المضي بالوطن إلى المراتب العليا التي أرادها له الآباء المؤسسون، وحمل الأمانة بعدهم أبناؤهم المخلصون، فكانوا خير خلف لخير سلف.
لقد مرت هذه المنطقة من العالم خلال السنوات الماضية بأزمات كبيرة، وتعرضت لأطماع كثيرة، لكن نظرة القيادة الثاقبة وحكمتها الراسخة كانتا كبيرتين، وتصميمها على حماية الوطن كان قوياً، ولم يكن هناك من هو أقدر على حماية هذا الوطن من أبنائه الذين انتظموا في برنامج الخدمة الوطنية، ليثبتوا أنهم الأجدر بحماية وطنهم. ولهذا أتت هذه الوقفة التاريخية في عيد الوطن الأكبر، وبمناسبة الذكرى العاشرة لإطلاق برنامج الخدمة الوطنية، لتؤكد تلاحم أبناء الوطن مع قيادتهم، وتصميمهم على التعبير عن هذا التلاحم من خلال «وقفة ولاء» سوف تبقى خالدة في تاريخ الوطن، وستبقى راية الوطن عالية خفاقة بفضل هذا التلاحم بين أبناء الوطن وقيادته، فكل عام والوطن وقيادته، وشعبه بخير، وعز، وأمن.