قدمت السينما العربية في تاريخها الطويل عدداً من الأفلام التاريخية ذات المحتوى الديني، منها: «خالد بن الوليد» في 1958 لحسين صدقي، و«مولد الرسول» في 1960 لأحمد الطوخي (إنتاج لبناني)، و«وا إسلاماه» لأندرو مارتون في 1961، و«الناصر صلاح الدين» ليوسف شاهين في 1963، و«هجرة الرسول» لإبراهيم عمارة في 1964، و«فجر الإسلام» لصلاح أبوسيف في 1971، و«الشيماء أخت الرسول» لحسام الدين مصطفى في 1972، و«الرسالة» لمصطفى العقاد في 1976، وغيرها.
غير أن أول فيلم سينمائي مصري من هذه النوعية كان فيلم «ظهور الإسلام» الذي عرض لأول مرة في التاسع من أبريل 1951 وأخرجه إبراهيم عزالدين في تلك السنة من تمثيل كوكا وعماد حمدي وعباس فارس وسراج منير وزكي إبراهيم وأحمد مظهر وكمال يس وتوفيق الدقن وفاخر فاخر وسعد أردش وفؤاد الطوخي وعبد المنعم إبراهيم وصبري عبد العزيز وفؤاد شفيق وأنور أحمد.
ويعد هذا الفيلم، المقتبسة قصته من كتاب «الوعد الحق» للدكتور طه حسين، والوحيد للمخرج إبراهيم عزالدين (1909 ـ 1982) أول فيلم شارك فيه النجم أحمد مظهر (1917 ــ 2002)، مؤدياً دور عمرو بن هشام (أبو جهل)، ضمن قائمة أفلامه التي بلغت 150 فيلماً، وهو من جهة أخرى الفيلم الأول له من بين أربعة أفلام من هذه النوعية خلال مشواره في السينما.
إذ إنه ظهر بعد ذلك في ثلاثة أفلام أخرى من الأفلام التاريخية والدينية هي: «الناصر صلاح الدين» أمام نادية لطفي وليلى فوزي (في دور صلاح الدين الأيوبي)، «الشيماء أخت الرسول» أمام النجمة سميرة أحمد (في دور زوجها «بجاد» المعادي للرسول)، و«وا إسلاماه» أمام النجمة لبنى عبد العزيز (في دور السلطان المملوكي سيف الدين قطز المطارد من التتار).
كان «ظهور الإسلام» هو الفيلم الذي دخل أحمد مظهر من خلاله إلى السينما، وكان من أسباب اختياره للقيام بدور «أبوجهل» خبرته المستمدة من عمله كضابط في سلاح الفرسان من بعد تخرجه من الكلية الحربية المصرية سنة 1938 مع الرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات، وقيادته لمدرسة الفروسية.
ولهذا قيل إن فيلم «ظهور الإسلام» كان بمثابة جواز المرور لأحمد مظهر نحو عالم الشهرة والنجومية، خصوصاً بعد أن أقنعه زميله في سلاح الفرسان الأديب يوسف السباعي (1917 ــ 1978) في عام 1957 بالظهور في فيلم «رد قلبي» الذي كتب السباعي بنفسه قصته وحواره وأخرجه زميلهما الضابط المتقاعد عزالدين ذو الفقار، حيث أدى مظهر في هذا الفيلم دور الأمير المتهور المغرم بالجياد والفروسية «علاء» ابن الأمير الإقطاعي إسماعيل كمال (أحمد علام).
لقي فيلم «رد قلبي» نجاحاً جماهيرياً واسعاً داخل مصر وخارجها بسبب ازدحامه من جهة بنجوم ونجمات السينما المشهورين آنذاك من أمثال مريم فخر الدين وهند رستم وزهرة العلا وصلاح ذو الفقار وشكري سرحان وحسين رياض ورشدي أباظة ووداد حمدي وفردوس محمد وأحمد علام، ثم بسبب قصته المبنية على صراع الطبقات والظلم الاجتماعي وفساد الإقطاعيين من جهة أخرى، ناهيك عن توقيت عرضه من جهة ثالثة.
إذ إنه عرض في دور السينما في العاشر من ديسمبر 1957 أي بعد مرور خمسة أعوام ونصف العام تقريباً على وقوع أحداث يوليو 1952 التي تحمس المصريون والعرب لشعاراته البراقة. والمعروف أن مظهر خلع زيه العسكري في عام 1956 حينما استقال من الجيش وهو برتبة يوزباشي (عقيد).
وابتداءً من عام 1958 قرر أن ينصرف كلياً للعمل في السينما، فقدم العديد من الأفلام الرومانسية والاجتماعية التي وضعته على قدم المساواة مع كبار نجوم زمنه من أمثال عماد حمدي وكمال الشناوي وعمر الشريف ورشدي أباظة وشكري سرحان وأحمد رمزي.
والجدير بالذكر أن الفروسية ظلت تطارده حتى بعد استقالته من الجيش وسلاح الفرسان، بدليل ظهوره في عدد من الأفلام العاطفية كفارس أو عاشق للخيول، ومنها على سبيل المثال فيلم «الزوجة العذراء» (1958) للسيد بدير وفيلم «غرام الأسياد» (1961) لرمسيس نجيب.