دفعتني أحدث الدراسات التي تخص «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» بشأن تنامي ظاهرة التصحر، وأن العالم مقبل على أزمة غذاء طاحنة، للعودة إلى البرنامج الوطني الذي أطلقه في أكتوبر الماضي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بعنوان «ازرع الإمارات»، الذي ضم مبادرات عدة تدعم توجهات الدولة للتنمية الزراعية وتعزيز معدلات الأمن الغذائي الوطني المستدام.
إطلاق البرنامج جاء في أعقاب اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء بمنطقة المرموم، حيث قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، آنذاك: «هدفنا تنشيط وتحفيز القطاع الزراعي من أجل مواصلة إرث زايد ووصيته في تشجير وتخضير وتعمير أرض الإمارات بالزراعة». وأضاف سموه: «هدفنا رفع أمننا الغذائي، وتطوير تقنياتنا الزراعية».
ليس هذا فحسب، بل كان لافتاً أن سموه قال نصاً: «هدفنا نشر ثقافة الزراعة في كل مدرسة وبيت.. وفي أجيالنا الجديدة».
قد يتساءل البعض عن سبب رجوعي لهذه الكلمات بعد أكثر من شهرين من تصريح سموه بها، والسبب هو أن الحقيقة تتجلى أمام أعيننا عن استشراف القيادة للمستقبل وجديتها في التعاطي مع القضايا المجتمعية وتخطيطها المسبق لمعالجة المشكلات التي تهدد أمن واستقرار الوطن والمواطن قبل أن تحدث.
ما جرى في ذلك اليوم خلال اجتماع مجلس الوزراء يؤكد أن قيادتنا الرشيدة تعمل وفق استراتيجية طموحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وبرؤية تستبق الأحداث ولا تنتظرها، بل والأجمل أنها رؤية ثاقبة تشارك في إعادة هندسة القضايا وتوظيفها لخدمة أجندتها وفق شعارها الثابت «تحويل المحنة إلى منحة».
هذه ليست المرة الأولى التي تظهر فيها القيادة براعتها في التعامل مع الملفات التي تشكل أمناً وطنياً، ولعل ذلك كان من أهم الدروس المستفادة من أزمة انتشار فيروس كورونا قبل سنوات، حيث تقطعت تماماً خطوط الإمداد، وتعطلت الملاحة العالمية، واضطرت الدول لإغلاق حدودها، ومن ثم كان لزاماً البحث والتفكير عن أهمية الاعتماد الذاتي في تحقيق الأمن الغذائي دون الحاجة إلى الاستيراد إذا ما دعت لذلك الضرورة، ووقتها سارع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ليطمئن الجميع قائلاً: «لا تشيلون هم»، ليعيد السكينة إلى ربوع الوطن وقاطنيه جميعاً.
وبعدها لم يعد أحد على أرض الإمارات يساوره أدنى شك بأن القادم أجمل طالما كان على رأس السلطة قيادة حكيمة صاحبة رؤية استشرافية.