في السابع من أكتوبر الجاري حلت الذكرى السنوية الـ34 لوفاة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، ولعل المناسبة فرصة سانحة لتعريف الأجيال الناشئة بأهم مؤسسي هذه الدولة السريعة التطور، التي باتت عنواناً للتقدم والرقي في العديد من المجالات.

الشيخ راشد هو أول من وضع اللبنة الأساسية لنهضة دبي، وكان إسهامه عظيماً حينما وضع يده في يد رفيق دربه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراهما، لإقامة صرح الاتحاد وإعلان قيام الدولة في 2 ديسمبر عام 1971.

اللافت أن الفقيد الكبير تولى مقاليد حكم دبي رسمياً 4 أكتوبر عام 1958، ومنذ ذلك الحين انطلقت مسيرة الإنجازات المتسارعة والقفز بخطوات كبيرة نحو الأمام.

ففي عام 1959 تم حفر خور دبي ليكون شرياناً للمدينة، كما تم افتتاح شركة كهرباء دبي العامة.

وحين نعود إلى بدايات عملية البناء والتنمية في دبي، ندرك كيف كان الشيخ راشد ذلك القائد الفذ الذي سخر حياته من أجل مستقبل زاهر لوطنه وشعبه، ولن نجد أصدق من كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي قال في هذه الذكرى العطرة: «راحته كانت لحظات فكر وتدبير، وجلساته كانت جلسات حكم وبناء، ابتعد عن معارك السياسة الصفرية، وركز وقته وجهده وفكره في الاقتصاد والتنمية».

هكذا هي إذن حياة الكبار من القادة العظام لا ينشغلون بسفاسف الأمور، فجل وقتهم في المضي قدماً نحو العلياء، أقدامهم راسخة على الأرض، وأحلامهم تعانق السماء، لا يتوقفون للتفاخر والإعجاب بما تحقق، بل يستثمرون وقتهم في التفكير لتذليل العقبات، وحل المشكلات، وتمهيد الطريق من أجل مواصلة عملية البناء والتعمير وحصد المزيد من الإنجازات.

أولى خطوات الشيخ راشد للبناء ارتبطت بالعملية التعليمية من منطلق إيمانه بأن العلم هو السلاح الأساسي واللبنة الأولى لأي مشروع تنموي، فكرس كل جهده لتحسين التعليم في إمارته، وأولى المدرسة الأحمدية اهتماماً خاصاً، وأشرف عليها بنفسه، وقدم الدعم المالي لأبناء دبي المبتعثين في الخارج، وحثهم على بذل أقصى الجهد قبل العودة لنفع وطنهم، وخصص جزءاً من قصره كمدرسة عرفت باسم «السعدية»، ثم سعى بعدها لافتتاح العديد من المدارس.

ووفقاً لروايات من عاصروه ونالوا شرف التعامل معه، إذا أردنا وصف الرجل في كلمات دقيقة ومعبرة، يمكننا القول إن «البساطة وعدم التكلف» كانت أهم سماته الشخصية، إضافة إلى ما كان يتمتع به من خصال حميدة وسجايا لا تعد ولا تحصى أسهمت كثيراً في التفاف الناس حوله ومشاركته أحلامه المشروعة من أجل دبي ومستقبلها، وها هي لؤلؤة الخليج تجني ثمار عمله، فجزاه الله عن الإمارة وشعبها الجنة.