تعرَّف المخالفة الإدارية بأنها "فعل أو امتناع عن فعل، يقوم به الموظف العام بإرادته قصداً أو إهمالاً، ويخل فيه بإحدى واجبات الوظيفة العامة".

وقد نص قانون إدارة الموارد البشرية لحكومة دبي رقم (27) لسنة 2006 وتعديلاته، على عدد من واجبات الوظيفة العامة التي يعتبر الإخلال بها مخالفة إدارية تعطي جهة الإدارة الحق في توقيع الجزاء التأديبي على الموظف العام، حيث تناولت المادة (7) معايير السلوك الوظيفي القويم، وأكدت المادة (8) على خضوع الموظف العام للتشريعات النافذة في الدولة، وحظرت المادة (9) الإفصاح عن المعلومات الخاصة بالدوائر الحكومية.

وكلفت المادة (10) الموظف العام باتباع المهنية في التعامل مع المتعاملين، وحظرت المواد (11) و(12) و(13) على الموظف العام كافة صور الرشوة، والانخراط في الأنشطة السياسية وتجنب تضارب مصالح العمل مع المصالح الشخصية. وقد وردت كل هذه الواجبات في القانون على سبيل المثال لا الحصر، ذلك أن القضاء والفقه الإداريين قد استقرا على أن المخالفة الإدارية غير محددة أو مقيدة بسلوك معين، وتنشأ بسبب أي سلوك يخل فيه الموظف العام بأي من واجبات الوظيفة العامة.

وعلى جهة الإدارة التي تقوم بتوقيع الجزاء التأديبي على الموظف العام، أن تلتزم بالمبدأ القانوني العام "لا عقوبة إلا بنص"، فلا تجوز معاقبة الموظف بغير العقوبات الواردة حصراً في المادة 199 من قانون الموارد البشرية لحكومة دبي، وهي لفت النظر الكتابي أو الإنذار كتابي أو الخصم من الراتب الأساسي أو الخصم من الراتب الإجمالي أو الفصل من الخدمة.

بالإضافة إلى المخالفات المذكورة بشأن مخالفات ساعات الدوام الرسمي. وذلك لأن الغاية من الجزاء التأديبي هي تقويم سلوك الموظف المخالف، وإعادته إلى السلوك القويم الذي يعين جهة الإدارة على تحقيق أهداف المرفق العام.

وبخلاف التزام جهة الإدارة بهذه المبدأ القانوني، ستحيد عن هدف تقويم السلوك إلى التشفي والانتقام ودفع الموظف إلى الاستقالة، وفي ذلك خروج بالقرار الإداري عن المصلحة العامة ومخالفة للقانون، الأمر الذي يجيز للموظف التظلم والمطالبة بسحب القرار أو إلغائه.

ويقع على عاتق جهة الإدارة في حال صدر عن الموظف سلوك مخالف لالتزامات الوظيفة العامة، أن تحدد أركان المخالفة الإدارية التي ارتكبها الموظف العام، حيث استقر الفقه الإداري على أن أركان المخالفة الإدارية هي "الركن المادي" و"الركن المعنوي" و"الركن الشرعي" و"ركن الصفة"، ويجب على جهة الإدارة أن تعتمد لإثبات هذه الأركان، على الدليل الملوس والواضح والصريح، ويجوز أن تستخدم كل وسائل الإثبات القانونية.

أما الركن المادي فهو الفعل أو الامتناع المتمثل بالسلوك المخالف الذي قام به الموظف العام، كالتعدي بالضرب على زميل في العمل أو الامتناع عن تنفيذ أمر قانوني صدر من مسؤوله المباشر.

والركن المعنوي هو اتجاه إرادة الموظف إما عمداً أو إهمالاً، إلى ارتكاب السلوك المخالف أوعدم اتخاذه جانب الحيطة والحذر اللازمين لأداء واجباته الوظيفية، بحيث تنتفي شبهة صدور السلوك المخالف بحسن نية أو بغير قصد، أو بإرادة معيبة بعيب الإكراه أو الغلط أو التدليس. أما الركن الشرعي فهو محل الضرر الذي أصاب أو كان سيصيب الوظيفة العامة، بسبب السلوك الذي ارتكبه الموظف العام، كالإضرار بسمعة الوظيفة أو الإضرار بمصلحة العمل أو الاعتداء على المال العام. وآخرها ركن الصفة.

وهو أن يكون لمرتكب السلوك صفة الموظف العام، وذلك بأن يكون معيَّناً على درجة وظيفية لها ميزانية سنوية ويقوم بوظيفة عامة، فلا يحق للإدارة إيقاع الجزاء التأديبي الإداري على المتطوع، أو المتعامل الذي يحصل على خدماتها، أو من تعاقدت معه الدائرة لتوريد المواد أو تقديم الخدمات.

وفي الختام، بقي أن أبين للقارئ الكريم وبصورة مبسطة، كيفية تقدير الجزاء التأديبي، والطريق الذي رسمه القانون للموظف العام للاعتراض على القرارات الإدارية المخالفة للقانون.. وهذا موضوع مقالي القادم إن شاء الله.