تحياتي لكم من لاس فيغاس، التي وصلت إليها وسط عاصفة كاملة. وأنا لا أتحدث عن الطقس، فاليوم بارد وجميل في هذه المدينة. ولكني أتحدث عن لحظة من تلك اللحظات التي تلتقي فيها اتجاهات عدة لتكون شيئاً أكبر، وهي لحظة سوف نعود بذاكرتنا إليها باعتبارها اللحظة التي تغير فيها كل شيء.

إنني في لاس فيغاس لحضور المعرض السنوي للإلكترونيات الاستهلاكية، حيث يعرض 3000 عارض من جميع أنحاء العالم، نحو 20 ألف منتج جديد. وكان من المتوقع لمعرض العام الجاري أن يشكل أحد أكثر المعارض تحولاً على الإطلاق، وذلك بسبب تغيير كبير في الموقف حيال الدور الذي يمكن، وينبغي، للتكنولوجيا أن تلعبه في حياتنا. وذلك هو أساس هذه العاصفة الكاملة، التي تتمثل عناصرها الأساسية في التكنولوجيا الحديثة والتخريبية، ونظام رعايتنا الصحية المختل، ورغبة أبناء الشعب الأميركي المتزايدة في التحكم في صحتهم وعافيتهم.

وفي إطار تنبئه بحدث العام الجاري، قال موقع "بي سي وورلد" إنه يتوقع "للمسيرة نحو الاتصال الكلي أن تستمر"، مشيراً إلى أجهزة تساهم في "المنزل الذكي" وتوفر القدرة على التحكم في محيطنا، بدءاً من طريقة مشاهدتنا للتلفاز، ووصولاً إلى طريقة رفعنا لدرجة الحرارة، باستخدام أدوات ترتبط كل منها بالأخرى وتتصل بها.

غير أن العاصفة الكاملة التي أتحدث عنها، تذهب إلى أبعد من ذلك بخطوة واحدة: من الهاتف الذكي إلى المنزل الذكي إلى الشخص الذكي، إذ لا تتمثل أكثر التكنولوجيات الناشئة إثارة، بالنسبة لي، في الأجهزة التي تسمح لنا بالاتصال بعالمنا الخارجي والسيطرة عليه، وإنما في تلك التي تسمح لنا بالاتصال بعالمنا الداخلي، تلك التي تربط بين عقولنا وأجسادنا وأرواحنا، وتلك هي القدرة الحقيقية للاتصال الكلي.

لماذا يعد هذا مهماً؟ لأن هذه العاصفة الكاملة يحركها وعينا المتزايد بقوة التوتر التدميرية وتكلفته، سواء بالدولارات أو الأرواح. فالتوتر لا يلحق الدمار بعلاقاتنا وعملنا وسعادتنا فحسب، ولكن بصحتنا كذلك. وعلى المستوى الجماعي، يعتبر الثمن الذي ندفعه مذهلاً، حيث يكلف التوتر الشركات الأميركية ما يقدر بـ300 مليار دولار في السنة، وذلك وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. وعلى مدى السنوات الـ30 الماضية، ارتفعت مستويات التوتر المبلغ عنها ذاتياً بنسبة 25% للرجال و18% للنساء.

وإذا واصلنا تعريف نظام رعايتنا الصحية على أنه يتعلق فقط بما يحدث بعد أن نكون قد أصبنا بالمرض، وإذا لم نعالج الأسباب الجذرية للكثير مما يجعلنا مرضى، فإننا لن نتمكن أبداً من مواكبة الارتفاع الهائل في التكاليف. والطريقة الأسهل والأصح والأرخص لعلاج التوتر، هي التعامل مع أسبابه عوضاً عن آثاره. والخبر السار هو أننا نعرف كيف نقوم بهذا على نحو فعال، إذ إن ممارسات مثل تنبيه الذهن والتأمل واليوغا وعادات النوم الصحية، أثبتت نجاحها الكبير في مكافحة التوتر.

وعلاوة على ذلك، فقد باتت الأدوات الحديثة عالية التقنية، تتيح للأفراد التحكم في صحتهم بدرجة أكبر. وفي حين أن الموجة الأولى من تكنولوجيا الاتصال وصلتنا بالعالم بأكمله، فإنها، في غضون ذلك، فصلتنا غالباً عن أنفسنا. وهذا هو السبب في أنني متحمسة للغاية بشأن الموجة الجديدة من التكنولوجيا، التي تعيد ربطنا بأنفسنا. فقد برزت، على سبيل المثال، سوق قوية لأجهزة يمكن ارتداؤها، ومنها "نايك بلس فيول باند" و"جوبون يو بي" وفيت بيت" و"لارك"، لترصد كل شيء، بدءاً من النشاط والغذاء المتناول، ووصولاً إلى الوزن والنوم.

وعما قريب، سيدخل موقع "هافبوست" سوق الاتصال بهذا النفَس، من خلال عرضه، في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية، لنظام تحديد المواقع الخاص بالروح، وهو تطبيق جديد يشكل جزءاً من تغطية موقعنا الشاملة لنمط العيش، والمتمحورة حول موضوع "توتر أقل، حياة أكثر". وحين كتبت عن نظام تحديد المواقع الخاص بالروح في العام الماضي، أوضحت أنه بدأ في صورة أمل بأن يبتكر شخص ما في يوم من الأيام، تطبيقاً من شأنه أن يحدد حالة العقل والجسد والروح، ثم يقدم بصورة تلقائية الخطوات الدقيقة التي يحتاج المرء إلى اتخاذها لإعادة تنظيم كل تلك الجوانب الثلاثة للوجود.

وقد صمم تطبيق نظام تحديد المواقع الخاص بالروح، ليعمل جنباً إلى جنب مع قسم نظام تحديد المواقع الخاص بالروح في موقع "هافينغتون بوست"، ونشرة "هافبوست" الإلكترونية الجديدة لتقليل التوتر، وخدمات نظام تحديد المواقع الخاص بالروح المقدمة من قبل شركائنا، مثل "توكتالا" و"ميكويليبريام". ويعمل التطبيق على قياس نبضك والتغيير الذي يطرأ عليه، وهما الأمران اللذان يشكلان مقياساً لمستويات التوتر. ثم يصلك بدليل شخصي يقدم لك الموسيقى والشعر وتمارين التنفس وصور أحبائك، ليساعدك على العودة إلى المركز والتخلص من التوتر. أو يمكنك من الاطلاع على الأدلة الخاصة بخبراء في مجال تخفيف التوتر، أو أصدقائك أو مستخدمين آخرين.

وستمثل الأقسام التي خصصناها لنظام تحديد المواقع الخاص بالروح، مركزاً لمحتوى كبير تقدمه مجموعات عاملة في هذا المجال، لتساعد مستخدمينا ليس فقط على زيادة وعيهم بتوترهم واكتساب القدرة على تقويم مساراتهم، ولكن أيضاً على الغوص إلى أعمق من ذلك وتحديد الأسباب الجذرية.

وبالتالي، فإن أكثر مكاسب معرض العام الجاري للإلكترونيات الاستهلاكية إثارة، بالنسبة لي، لا يتمثل في السيارة الذكية أو المنزل الذكي، وإنما في الشخص الذكي، وفي إعادة الربط بين العقل والجسد والروح. فتلك هي أفضل وسيلة لكي نستعيد نحن السيطرة على صحتنا، ولكي تستعيد بلادنا السيطرة على نظام رعايتنا الصحية الآخذ في التدهور.

لذا فإنني آمل أن تؤدي العاصفة الكاملة التي يشهدها معرض العام الجاري للإلكترونيات الاستهلاكية، إلى أيام أكثر إشراقاً في كل مكان.