قبل سنة، ومن خلال هذه الزاوية، تطرقنا لمفهوم الطيران الأخضر، والذي يقصد منه ممارسات الحفاظ على البيئة من قبل قطاع الطيران، بحيث يكون صديقاً للبيئة.
يومياً توجد أكثر من 100,000 رحلة، وأكثر من 13,000 طائرة تعبر أجواء العالم في آنٍ واحد. بسبب هذه الأرقام الخيالية في حركة الطيران العالمية وازديادها المطرد والأعداد الضخمة التي تتطلبها شركات الطيران من الطائرات الجديدة بشتى أنواعها وأحجامها، يعتقد البعض أن قطاع الطيران له تأثيرات سلبية كبيرة في البيئة.
ونسبة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون التي يسببها قطاع الطيران عالمياً لا تشكل أكثر من 2%، وهي ضئيلة جداً مقارنة بالانبعاثات الأخرى.
ورغبة في أن يكون تغيير المناخ سجلاً حافلاً لصناعة الطيران تسعى جميع الأطراف المعنية إلى تحسن متوسط كفاءة الوقود بنسبة 1.5٪ سنوياً حتى عام 2020، وتحديد سقف لانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون اعتباراً من عام 2020، وخفض انبعاثاته بنسبة 50% بحلول عام 2050 مقارنة بعام 2005. كما يعتمد هذا القطاع على أربعة ركائز استراتيجية لمواجهة تغير المناخ وهي التكنولوجيا والعمليات والبنية التحتية والتدابير الاقتصادية.
التكنولوجيا تتضمن في المدى القصير على التحسينات والتعديلات القائمة على أسطول الطائرات أثناء الخدمة، وفي المدى المتوسط التسريع في تجديد الأساطيل وإدخال أحدث التقنيات، وفي المدى الطويل استخدام التصاميم والتكنولوجيات الجديدة، حيث تتبنى «أياتا» خارطة طريق تحدد التكنولوجيات التي يمكن أن تقلل من نسبة حرق الوقود لكل طائرة لتصل إلى 30٪. أما بالنسبة للعمليات فتحسينها يوفر الوقود، وبالتالي انخفاض الانبعاثات الكربونية بنسبة تصل إلى 6٪ سنوياً، بتطبيق أفضل الممارسات.
البنية التحتية تتضمن قيام الحكومات ومقدمي الخدمات بالقضاء على 12٪ من الانبعاثات الكربونية من خلال معالجة أوجه القصور في المطارات والمجالات الجوية، حيث استطاعت تحقيق نسبة 4٪ منذ 1999 في هذا الخصوص. كما أن سياسة الأجواء الواحدة كالأجواء الأوروبية ومرونة الدخول للأجواء الإقليمية تساعد على التقليل من هذه الانبعاثات.
التدابير الاقتصادية مهمة، حيث لا يمكن المحافظة على البيئة في الطيران فقط من خلال الأركان الثلاثة الأولى وحدها، فهناك حاجة لقياس تدابير كلفة هذه الركائز وسد الفجوة بينها والتأكد من فعاليتها. كما يجب إتباع نهج عالمي لانبعاثات الطيران والتخلي عن السياسات الفردية كضريبة الكربون الأوروبية.
إذاً، هناك حاجة إلى آلية عالمية لمنع تسرب الكربون، حيث لابد لجميع الأطراف من شركات طيران ومطارات ومصنعي الطائرات والمحركات وهيئات الطيران المدني العمل معاً نحو تحقيق هذه الركائز، وتبني مبادرات صديقة للبيئة.