ابن مقعد عندما كان صغيراً نصح الطبيب والديه بأنه ليس هناك أمل من شفائه وطلب وضعه في دار الرعاية لبقية حياته. لكن رفض والداه ما قاله الطبيب وقاما بالعناية به في منزلهم وتربيته كأي طفل آخر. في ذات يوم سأل والده أتمنى أن أشترك في سباق الماراثون القادم في بوسطن الذي يتكون من 4 كلم سباحة و180 كلم بالدراجة الهوائية و42 كلم جرياً، وأريد ان تكون بصحبتي يا أبي. وافق الوالد الذي يبلغ من العمر 66 عاما على رغبة ابنه، وكم كان مدهشاً عندما استجاب لابنه فصنع له مقعداً خاصاً أمامه ليتلذذ بمشاهدة ابنه المبتسم والملوح بيده السليمة طوال فترة السباق. وكان ابنه واعياً وسعيداً بالأمر، وظن الجميع أنهما سيتراجعان ولن يكملا السباق ولكنهما أكملاه حتى النهاية.
يقول الأب "عندما وصلنا إلى المنزل تلك الليلة قال لي ابني عبر الجهاز بأنه يشعر بأنه لم يعد عاجزاً، أسعدتني هذه الكلمات لأنني وجدت أخيراً رياضة يستطيع ابني ممارستها". ويقول "كان ابني في السباق دافعي فهو يلهمني، هو الذي أسابق من أجله وينتابني شعورٌ يساعدني على أن أكون أسرع في السباق، لقد أحببنا فكرة السباق مع أفضل الرياضيين في العالم فهو أمر مثير للحماس وتجربة مذهلة خاصة عند سماع تصفيق الجماهير وتشجيعهم". أما الابن فيقول "قد أكون عاجزاً ولكني أعيش حياةً مليئة بالإنجازات وإذا حاول شخص التعرف علي سوف يدرك أنني لا أختلف عن أي شخص آخر".
إعاقة الابن الشديدة لم تمنعه من الكلام بواسطة أجهزة مثبتة على رأسه، أنهى الدراسة الجامعية وسطر أروع كلمات الشكر لأبيه لاهتمامه به. في مقابلة تلفزيونية للأب ذكرت المذيعة جملة جميلة وهي "أب يتسلق الجبال ويقطع البحار ويركض المسافات لإسعاد ابنه المعاق". وقرأت رسالة من إحدى الأمهات التي تركت ابنها المعاق وهجرته في دور الرعاية ولكنها اليوم تبكي بعد ما شاهدته من إرادة الابن. بكى الأب لعمق تأثر الآخرين به، لأن من يملك إحساساً لن يستطيع أن يوقف دمعة إنسانية من الانسياب لموقف أبوي إنساني معبر ومؤثر.
هذا هو فيلم قصير شاهدته مؤخراً فلو اسقطت أحداثه على أرض واقع العمل في مجتمعنا لوجدنا أرباب العمل والمسؤولين في المؤسسات المختلفة سواء كانت حكومية أو خاصة محفزين ومطورين لمجالات عملهم كل في اختصاصه من خلال مساندتهم لموظفيهم والوقوف على تحقيق أهدافهم الشخصية والعملية. لكن للأسف نجد البعض منهم يشكلون العديد من العقبات أمام تحقيق متطلبات وأهداف موظفيهم التي تصب في النهاية في مصلحة العمل وتطوره.
هناك العديد من الحالات التي يصطدم فيها الموطفون بالرفض عند رغبتهم مثلاً في متابعة الدراسة أو الزواج أو الإنجاب أو العلاج شخصياً أو المرافقة الاضطرارية لعلاج أحد افراد الأسرة. لذلك، يا حبذا من هذا النوع من أرباب العمل التريث قليلاً عند اتخاذ قراراتهم في مثل هذه الحالات، فيجب عليهم فهم ظروف وأهداف موظفيهم والعمل على تحقيقها. من الضروري خلق بيئة عملية صالحة للعمل تساعد على الإنتاج والتميز في أعمالهم وأداء واجباتهم، وبذلك يرقى الوطن بأكمله.