اختتم الاسبوع المنصرم معرض سوق السفر العربي الذي أقيم في دبي وكانت مشاركة متميزة لدولتنا الغالية في إبداعها بإظهار قدراتها السياحية وخططها المستقبلية الطموحة، بأن تكون الوجهة السياحية الرئيسية الأولى، ليس على المستوى الإقليمي فحسب، بل على المستوى العالمي. بفضل البنية التحتية السياحية المتينة في مختلف إمارات الدولة وتضافر الجهود المختلفة أداء القطاع السياحي يزداد أهمية في الدولة نظراً لزيادة السياح خلال السنوات الأخيرة الماضية. القطاع يشكل جزءاً مهماً في الاستراتيجيات الاقتصادية للدول، وأحد أهم موارد الدخل الوطني فيها. في الإمارات تتضح لنا أهمية الاستثمار في هذا القطاع من خلال المشاريع السياحية الضخمة الجاذبة للسياح مثل الأماكن الترفيهية والفنادق ومراكز التسوق، وتوفر وسائل المواصلات الحديثة المتطابقة مع متطلبات البيئة الخضراء. كما إن طيبة شعب الإمارات من مواطنين ومقيمين، وتوفر الأمن والأمان تشكل عملية جذب مهمة للسياح.

السياحة تشكل اليوم جزءاً رئيساً في استراتيجيات التنمية الاقتصادية العالمية، وتعد صاحبة الدخل الأقوى والأكبر للكثير من الدول، فبحسب "إياتا"، فإن صناعة السياحة أسهمت بنحو 6.57 تريليونات درهم في الاقتصاد العالمي العام المنصرم، ودعمت أكثر من 99 مليون فرصة عمل مباشرة عالمياً، أي ما يساوي 3.4٪ من مجموع الوظائف في العالم. كما يتوقع المجلس العالمي للسفر والسياحة أن يوفر قطاع السياحة عالمياً أكثر من 120 مليون وظيفة في 2021 . لذا، الإستثمارات السياحية تسهم في زيادة أعداد السياح، ومن ثم توفير فرص عمل جديدة في الدولة، كما تستفيد المطارات وشركات الطيران والفنادق وقطاع المواصلات الأرضية من النمو المتوقع جراء الاستثمارات.

تفوق دولتنا في جذب السياح العرب والأجانب للدولة من خلال الجهود المخلصة التي يبذلها المجلس الوطني للسياحة والجهات الأخرى المعنية بقطاع السياحة، والتركيز على السوق الخارجية، للأسف قلص الإهتمام في السياحة العائلية الداخلية في الدولة والتي تعد قطاعاً حيوياً ومهماً. تعزيز السياحة الداخلية بجذب المواطنين والمقيمين بزيارة مختلف إمارات الدولة سيشكل نقطة مهمة في دعم الإقتصاد الوطني، إلا إن غياب التنسيق الفعال والتسويق الجيد للخدمات السياحية داخلياً يعتبر من أبرز معوقات نموها وتطورها. تفعيل السياحة العائلية الداخلية يحقق العديد من الفوائد، فبالإضافة للإنفاق العائلي على السياحة الداخلية بدلاً من الخارجية، هناك سلسلة من الأهداف التي سوف تتحقق.

من أبرز الأهداف معرفة وإدراك منجزاتنا الحضارية فالكثير من الأسر المواطنة والمقيمة للأسف تقتصرفي تمضية إجازاتهم في المدن التي يعيشون فيها ولا يقومون بزيارة المناطق الأخرى في الدولة رغم وجود المقومات السياحية فيها. إذا استطاعت السياحة الداخلية ان تجذب هذه الأسر وتشدها الى المدن الداخلية والساحلية المرتبطة بالمواقع التراثية والأثرية، والأنشطة الترفيهية كالغوص والألعاب المائية والمغامرات والتعريف على المقومات السياحية في مختلف مناطق الدولة، سيكون لها الأثر الكبير في تعريف الأفراد بوطنهم ومنجزاته الحضارية الكثيرة. كما إن تفعيل السياحة العائلية الداخلية من شأنه المساهمة في التعريف بماضي الأجداد والدور الذي لعبوه في رقي الدولة وتطورها. بالطبع معرفة كل ذلك يعتبر جزءا مهما من الثقافة الوطنية وبالتالي تأكيد الانتماء للوطن والفخر بإنجازاته.

لذا، ياحبذا نرى المزيد من التنسيق بين الهيئات والدوائر المختصة في قطاع السياحة في مختلف إمارات الدولة لدعم السياحة الداخلية، فضلاً عن التوسع في طرح المزيد من العروض السياحية الموجهة لشريحة المواطنين والمقيمين، بحيث تكون العروض متاحة طوال العام وألا تقتصر في فترة الصيف. كما نتمنى أن تتعاقد الوكالات السياحية المحلية مع الفنادق المنتشرة في أرجاء الدولة رغبة في طرح العروض السياحية بأسعار الجملة المخفضة إسوةً بما يحدث بالنسبة للسياحة الوافدة من الخارج. السياحة لا تعني توفرالفنادق فقط، فهناك العديد من القطاعات المكملة، مثل الأنشطة الترفيهية والخدمات، بالإضافة للتسويق المدروس للمنتج السياحي. تحقيق ذلك سيؤدي الى خلق فرص إستثمارات جديدة وبالتالي دعم إقتصادنا الوطني.