مبادرة الحكومة الذكية التي أطلقتها حكومتنا الرشيدة، حفظها الله، والتي تقضي بتأمين كافة التعاملات الحكومية وفق تطبيقات سهلة على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والرسائل النصية، خلال 24 شهرًا القادمة، ما هي إلا خطوة كبيرة لدولتنا الغالية نحو الأمام، من الحكومة الإلكترونية إلى ما بعدها، أي إلى مرحلة متقدمة في تقديم الخدمات.
الهدف من المبادرة هو الرغبة في التفوق وتوصيل الخدمات بالتواصل مع مختلف شرائح المجتمع بسهولة ويسر حيثما كانوا، منطلقةً من التمسك الدائم بالإبداع في تقديم الخدمات الحكومية، مؤمنة بأن الحكومة المبدعة هي حكومة متطورة تكسر الروتين وتمضي للأمام وتستطيع أن تكون دائمًا في الطليعة.
المبادرة تهدف إلى تحفيز الجهات الحكومية للابتكار في تقديم حلول إبداعية في مجال التطبيقات الهاتفية، بما يضمن الحصول على الخدمات الحكومية على مدار الساعة، وبإجراءات مبسطة وسهلة وكفاءة عالية، وشفافية تلبي توقعات المتعاملين، وتشعرهم بأهمية التواصل معهم.
المتعاملون هم شريان الحياة لأي جهة سواء كانت دوائر وهيئات الحكومية أو شركات ومؤسسات، وبدونها لا يمكن وجود أي أعمال. لذلك من الضروري البقاء على اتصال مستمر معهم.
رغم أن هناك الكثير من الطرق التي يمكن من خلالها البقاء على التواصل، من خلال رسائل البريد الإلكتروني العادية التي تقدم العروض والخدمات، إلى القوائم البريدية، إلا أن للأسف العديد من الجهات مازالت تخفق في معرفة الطرق السليمة وطريقة تنفيذها في التواصل مع المتعاملين، والعمل على الفوز بإرضائهم.
هناك أربعة جسور للتواصل مع المتعاملين، أولها معرفة قيمة كل متعامل، حيث إن التفريق وفقاً لقيمة المتعاملين تمكن من تقييم وتحديد أولويات التواصل والتسويق بشكل أكثر فاعلية.
وفي هذا النطاق هناك ثلاث شرائح أو فئات مختلفة القيمة: الأولى ذات القيمة العالية التي تتضمن الزبائن الأكثر قيمة خاصة إنها تشكل الجزء الأكبر من الموارد المالية والأرباح. الهدف الرئيسي لهذه الشريحة هو الاحتفاظ بها وتقديم التواصل المتكامل من أجل إرضائها، ويتطلب هذا التزاماً من الجهة بأكملها من خلال استراتيجيتها وإداراتها المختلفة.
الشريحة الثانية هي ذات القيمة المتوسطة التي تتضمن المتعاملين الذين توجد عندهم حالياً قيمة متوسطة ولكن لديهم المقدرة في التحرك نحو مجموعة المتعاملين ذو القيمة العالية، وبالتالي من الضروري تنفيذ استراتيجية التواصل لتشجيعهم في القيام بالمزيد من المعاملات التجارية. أما القيمة المنخفضة تتضمن المتعاملين الذين لا يشكلون ربحية للجهة، ويفضل استخدام قنوات تواصل منخفضة التكاليف.
الجسر الثاني للتواصل هو تحديد كل المتعاملين. الأمر يبدو بسيطاً بما فيه الكفاية ولكن من الضروري معرفة كيفية الاتصال بالمتعاملين، حيث إن العديد من الجهات، ليس على المستوى المحلي أو الإقليمي لكن على المستوى العالمي، لا تزال تفتقر إلى عمليات جيدة أو متطورة في تحديث وحفظ سجلات المتعاملين.
المشكلة هي أن العديد من الجهات ليس لديها نظام لتحديث عناوين البريد الإلكتروني لمتعامليها في الوقت المناسب، مما يؤدي إلى فقدان التواصل معهم عند تغيير عناوين بريدهم الإلكترونية.
أما الجسر الثالث فهو فهم احتياجات المتعاملين، حيث هناك حاجة إلى توفير وتوصيل معلومات قيمة مضافة باستخدام الوسيلة المناسبة التي من خلالها تلبى احتياجات المتعاملين. كما يمكن إنشاء رسائل شخصية تلبي احتياجات المتعاملين ومناسبة لقيمتهم، رغبةً في تعزيز التواصل الفعال، من أجل تعزيز العلاقات معهم.
الجسر الأخير هو جعل التواصل ذا اتجاهين، فمن أجل تنفيذ التواصل الفعال المتكامل، يجب على المتعاملين أن يكونوا قادرين على التواصل بسهولة مع الجهات. التواصل ذو الاتجاهين فرصة كبيرة للجهات للبقاء على التواصل مع المتعاملين لمعرفة متغيرات احتياجاتهم وتوقعاتهم.
تعتبر إدارة ردود فعل المتعاملين عن الجهات أداة حاسمة في فهم ما هو مهم بالنسبة لهم، حيث تعتبر من أهم الطرق لجعل عملية التواصل ذات اتجاهين. لذلك، التواصل الفعال مع المتعاملين أمر في غاية الأهمية، ويجب أن يكون من داخل الجهة أولاً في البدء بتحسين الاتصالات الداخلية.
من الضروري التأكد من عمل وفاعلية وسائل التواصل قبل البدء في التطبيق. إذا أنظمة وأجهزة الجهات ليست قادرة على التعامل مع المتعاملين، سوف يكون من البساطة فقدان التميز وتقديم أفضل الخدمات لهم.
بالإضافة لأنظمة تكنولوجيا المعلومات والهواتف الذكية، تتضمن أنظمة الجهات تدريب الموظفين الذين هم بحاجة إلى تعلم مهارات الاتصال الفعال التي من شأنه مساعدتهم على أن يكون مفهوماً بشكل أفضل عند التحدث مع المتعاملين والإصغاء لما يقولونه وفهم ما يعنونه وليس فقط ما يقولونه.
الأخذ بهذه المبادئ رغبةً في تحقيق التواصل الفعال مع المتعاملين سيكون بالطبع في غاية الأهمية لتحقيق مبادرة الحكومة الذكية التي تنسجم مع التوجهات في تطوير الخدمات الحكومية وتحقيق جودة حياة عالية لمواطني ومقيمي الدولة، وفقاً لرؤية الإمارات