تتناول العديد من صفحات الإنترنت والبرامج التلفزيونية العلمية والإدارية مصطلح "التفكير خارج الصندوق"، ولا شك أننا قد نسمع هذا المصطلح، وربما نتتساءل عن ما يعني ذلك في الواقع الفعلي أو العملي. هناك الكثير منا من يسمع بهذه العبارة لكن لايفهم المقصود منها. العبارة تعني أن نفكر بطريقة مختلفة، غير تقليدية، أو من منظور جديد.

والقيام ببعض طرق التفكير الإبداعية الجديدة بشكل خلاق، دون عوائق أو قيود. وقد نشأت العبارة في الولايات المتحدة الأميركية، فرغم إدعاء الكثير من الكتاب والمختصين في الاستشارات الإدارية بأنهم مصدر هذه الفكرة، إلا أن الواقع أن أقرب اقتباس لها ظهر في المجلة الأميركية الأسبوعية المختصة بصناعة الطيران، "أسبوع الطيران وتكنولوجيا الفضاء" في إصدارها لشهر يوليو 1975.

عندما نكون حبيسين داخل سلوك معين مثل الخوف أو الاكتئاب، فإننا نحدد الإطار العام الذي نفكر فيه دون أن نشعر وكأن عقولنا داخل صندوق محكم، تخيلوا أننا نفكر في حل مشكلة ما ونحن حبيسو تلك الصناديق. غالباً سوف نحصل على أفكار نمطية جداً أو حلول خاطئة. وليس علينا سوى أن نتحرر منها.

ونطلق لأفكارنا العنان بحيث نفكر في كل الاتجاهات دون سقف محدد رغبة في الحصول على أفكار تتصف بالإبداع.. غالباً ما هي إلا حواجز وهمية تفرضها علينا عقولنا بناء على تجارب سابقة فاشلة. لذلك المقصود بالصندوق هي الأنماط السلوكية التي تجعل الإنسان حبيساً لها وتحد من رؤيته للفرص والحلول التي تزخر بها حياتنا. كما أن التفكير خارج الصندوق يقصد منه استدعاء التفكير الإبداعي لدى كل منا لحل مشكلة ما قد يواجهها والعمل على توفير الحل المناسب لها.

وقت تغيير طريقة التفكير يقصد منها إعادة تثقيف النفس وطريقة التفكير، الذي يكاد يكون تغييراً لنمط الحياة. لمناقشة أو حل مشكلة معينة، بعض الناس يميلون إلى الخروج مع أكثر حلول مبدعة وخلاقة، لكن ذلك لا يعكس أن الآخرين ليس لديهم الذكاء والقدرة على القيام بذلك.

ما نشير إليه هو أن الناس مع مثل هذه الحلول هم أكثر استعداداً، أو بحاجة، لدفع أنفسهم للخروج من الصندوق أو منطقة الراحة الخاصة بهم رغبة في الحصول على الإجابات التي يسعون لها.

عادة ما تكون الخصائص الرئيسية لأولئك الذين يفكرون من خارج منطقة الصندوق الرغبة في التغيير الإيجابي فقط لأن الموضوع المراد حله أو الإجابة عليه كان دائماً على نحو ما، لا يعني أنه يجب أن يستمر بهذه الطريقة. في الواقع، من خلال التوقع بأن الأمور لا تتغير أبداً، نضع أنفسنا في وضع مليئ بالكثير من الألم والتعاسة عندما تكون الأمور والناس يتغيرون من حولنا.

الناس غالباً ما تتحدث عن التفكير خارج منطقة الصندوق، ولكن كيف يمكننا أن نفعل ذلك حقاً؟ ماذا يعني أن نكون محدودين داخل منطقة الصندوق بدلاً من كوننا خارجه؟ المفتاح هو تحديد الحالة المعينة في مربع الصندوق ومن ثم السعي لإيجاد الحلول التي عادة تكون غير تقليدية ومن شأنها أن تعتبر خارج الصندوق لتوفر أفضل الحلول والإبداعات من خلال التفكير المنطقي والعصف الذهني.

من الضروري عندما تتم مواجهة عقبة على ما يبدو لا يمكن التغلب عليها، علينا أن ندرب أنفسنا أن لا نركز فقط على قضية محددة في متناول اليد، ولكن أيضاً أن نفكر على نحو أكثر توسعاً حول كل من الأسبابوالمسارات التي أدت إلى هذه المسألة.

علينا أن ننظر لكل إمكانية وحلول وافتراضية على طول الطريق، وعدم الاستهانة بأي شيء. عند القيام بذلك، سوف تتوفر لدينا حلول بديلة غالباً ما تتحقق، مما يتيح لنا خيارات كانت لا ترى عند التركيز الضيق على مسألة محددة ومن منظور ضيق.

الفكرة هي أغلى ما نملكه وهي أثمن ما يمكن أن نحصل عليه وما يجب أن نبذله من أجل المجهود، فكل التحولات القديمة والعصرية التقنية التي نتمتع بها في عالمنا هذا بدأت بفكرة مبدعة لأصحابها، آمنوا بها وعملوا بدقة وإتقان من أجل تحقيقها وتوفيرها للبشرية.

لكن هنا بعض النصائح التي تعلمناها والتي تساعدنا في الحصول على التفكير خارج منطقة الصندوق، أهمها التعرف عليها وتحديد الأفضل منها، ومن ثم البدء في رسم هذه المسألة أكثر والبحث عن سبل معالجة الموضوع في الزوايا التي لم يسبق التطرق لها مسبقاً.

ابدأ في النظر برفض الحلول الممكنة التي في الأساس لا يمكن القيام بها من خلال دراسة إمكانية القيام بها وتطبيقها من عدمه. ثم اختيار أفضل الحلول التي يمكننا استخدامها في حل المشكلة فعندما نعرف ما الذي نريده سنبذل كل ما في وسعنا في سبيل الحصول عليه.

إذاً التفكير الإبداعي هو أحد أهم عوامل التقدم الذي نعيشه، فقدرة الإنسان على الخيال، وعلى التفكير خارج الصندوق بالمعنى المتقدم، هي السبب في ظهور الحضارات وتقدم الأمم.