من حق المواطن والناخب أن يتساءل عن منجزات المجلس الوطني الاتحادي مع نهاية الدور الثاني للفصل التشريعي الخامس عشر، حيث يعقد جلسته الاخيرة لهذا الدور 25 يونيو الجاري.

وبهذا يكون انقضى نصف عمر المجلس الحالي باختتام دورين تشريعيين ويتبقى مثلهما للفترة المقبلة. من المهم ان يتساءل الناخب عن دور المجلس حيال القضايا التي تهمه وما هي مساهماته في الارتقاء بمسيرة التنمية في الدولة. تساؤلات لابد ان تكون حاضرة امام الناخب فهو شريك في عمل المجلس من خلال ممثليه من اعضاء المجلس ومسؤول عن صوته الانتخابي. على الناخب ان يتابع عمل المجلس والاعضاء الذين منحهم صوته ليكون مطلعا على نتيجة اختياره، ولتكون لديه معرفة تمكنه من اتخاذ قراره في الانتخابات المقبلة.

المواطن والناخب عليه ان يكون متابعا لجزئين من عمل المجلس الوطني الاتحادي. الجزء الاول يتعلق بالمجلس ككل، فمن المهم ان يتابع المواطن والناخب عمل المجلس كونه السلطة التشريعية في الدولة. حيث ان قرارات المجلس وتوصياته تؤثر مباشرة في عملية صنع القرارات الحكومية .

والتي لها أثر مباشر على المواطن وحياته اليومية. ان الموطن يتفاعل بصورة مباشرة مع الوزارات والمؤسسات الحكومية وله فيها قنوات لإبداء الرأي والملاحظات والمقترحات والشكاوى، الأمر الذي يدفع بسير العمل الى الافضل

. ان وجود قنوات التواصل في حد ذاتها أمر إيجابي يسهم في رضا العملاء كونه متنفسا يبث من خلاله العميل آراءه. كذلك الامر مهم بالنسبة للمواطن والمجلس فكلاهما في حاجة لعملية التواصل لما لها من أثر إيجابي، والأثر الايجابي المترتب على المواطن من خلال تواصله ومتابعته للمجلس هو زيادة رصيد معرفته حول المجلس واختصاصاته.

وبالتالي سينعكس ذلك على رسم توقعات أكثر واقعية ويتبعها تقييم صحيح لأعمال المجلس الوطني، هذا التفاعل سيفضي في نهاية الأمر الى دفع مسيرة التنمية السياسية الى الأمام. ان عملية التفاعل والتواصل بين الطرفين سيكون لها أيضا أثر إيجابي على المجلس، فجدول أعمال المجلس عادة مزدحم بالمواضيع العامة ومشاريع القوانين والاسئلة.

ومن خلال التفاعل مع المواطن ومعرفة همومه الآنية يمكن للمجلس ان يحدد جدول أعماله وفق مفهوم أولوية الأوليات، كما ان نتائج أعمال المجلس ستكون أكثر قبولا لدى المواطن والحكومة وأثرها الإيجابي أوسع في مسيرة التنمية الشاملة.

الجزء الآخر الذي يجب ان يحظى باهتمام ومتابعة الناخب يتعلق بالأعضاء الذين يمثلون إمارته في المجلس الوطني ومن أعطاه صوته في انتخابات 2011. فالانتخابات المقبلة والمتوقعة في سبتمبر 2015 اي بعد سنتين وثلاثة أشهر،.

وعلى الناخب ان يكون متابعا لنشاط الاعضاء خلال الفصل التشريعي الحالي ليكون قراره عند صندوق الانتخابات مبنياً على معرفة. الناخب يمكنه ان يمارس دور المحاسب والمقيم لأداء الأعضاء وأن يقارن برنامج العضو قبل انتخابه وماذا قدم بعد ذلك.

الناخب من حقه أن يعرف مدى التزام العضو الذي يمثله وغيره من الاعضاء بحضور أنشطة المجلس من جلسات واجتماعات لجان، فهذه المعلومات توضح حجم اضطلاع العضو بمسؤولياته وتترجم مقولة "تكليف وليست تشريفا". كذلك للناخب ان يضع في الاعتبار تساؤلاً حول مدى توفر قنوات التواصل مع العضو بعد دخوله المجلس الوطني الاتحادي. من الطبيعي ان ينخفض حجم التواصل من جانب العضو بعد الانتخابات، حيث ان طبيعة الحملات الانتخابية تتطلب ذلك في حينها.

ومن المحتمل ان يعلق بعض الناخبين عن "اختفاء" العضو بعد انتخابه، لكن الاهم من قياس حجم التواصل قبل وبعد الانتخابات هو مدى توفر العضو للتواصل معه وان لا يكتفي بالدائرة المحيطة به فهو يمثل جميع المواطنين بدخوله المجلس.

ان توفير المعلومات وفرص الوصول اليها جانب حيوي في تمكين المواطن والناخب من عملية صنع القرار بالنسبة لتقييم المجلس الحالي ورفع الوعي العام لخوض الانتخابات المقبلة ونشر ثقافة المشاركة السياسية. من أجل تحقيق عملية اتصال إيجابية لابد من أن يكون المجلس والمواطن فاعلين في هذا الجانب لتحقيق نتيجة. المواطن عليه أن يسعى لزيادة معرفته من خلال متابعة المجلس الذي عليه أن يتيح اخباره وأجندته أمام المتابعين وتوفير قنوات الاتصال مع المواطن ووسائل الاعلام.

إضافة الى ذلك يمكن ان يستحدث المجلس خدمة توفير المعلومات بناء على طلب من مواطن يسأل عن معلومة في شأن بحثه المجلس أو ضمن سجلاته طالما كانت هذه المعلومات غير سرية. ومن المفيد ايضا اتاحة معلومات عن الاعضاء تتعلق بأنشطتهم مثل الحضور والغياب عن الجلسات واجتماعات اللجان وعدد وماهية الاسئلة التي تقدم بها الاعضاء.

ان التواصل المباشر بين المجلس والمواطن من خلال اللقاء المباشر ومطبوعات المجلس او عبر الإنترنت لا يغني عن دور وسائل الإعلام المختلفة في الدولة. فالإعلام شريك في مسيرة التنمية في مختلف المجالات والقطاعات في الدولة.

ولذلك فإنه في غاية الاهمية ان يكون هناك تعاون وثيق بين المجلس الوطني ومختلف وسائل الاعلام وأن يؤدي كل منهما دوره في نشر الوعي في مجال العمل البرلماني، والمجلس في الجلسة الاخيرة استعرض تقارير مختلفة تحصر كافة انشطته المتعلقة بعمله في الجانب التشريعي والرقابي والسياسي.

ويمكن لوسائل الاعلام متابعة مثلا عمل لجنة معينة باستعراض المواضيع والقوانين التي ناقشتها وعدد الاجتماعات وكم استغرقت من الوقت وترصد بالدقيقة في تقرير اللجنة، كذلك يمكن رصد عمل لجنة فحص الطعون والشكاوى التي تنظر من شكاوى المواطنين المحالة من معالي رئيس المجلس الوطني وما تم بخصوصها.

المجلس الوطني الاتحادي سيكمل نصف دورته التشريعية بعد غد ومن الضروري أن يكون هناك حضور أكبر للمجلس في مختلف وسائل الإعلام على مدار عمله طوال الدور، لإتاحة الفرصة للمواطن والناخب لمعرفة المزيد عن المجلس وأعضائه. حيث ان نشر الثقافة البرلمانية والوعي السياسي جهد متواصل، ولا يقتصر على فترة قصيرة قبل الانتخابات المقبلة.