رغبة في الالتزام بالحفاظ على البيئة وحمايتها للأجيال القادمة للحد من انبعاثات الكربون، ومن أجل مستقبل أكثر إخضراراً، تقوم العديد من الجهات الحكومية والخاصة في شتى بقاع العالم وفي جميع القطاعات بتطبيق أحدث وأفضل الطرق للحد من كمية النفايات التي ننتجها والطريقة الأكثر فعالية لإعادة تدويرها، حيث إن مهمة تخفيضها وإعادة استخدامها تعتبر من أولويات مختلف الجهات.
في قطاع الطيران، ورغبة من شركات الطيران في المحافظة على البيئة قامت معظمها بتحديث أساطيلها باستخدام طائرات وممرات جوية جديدة والتقليل من نسبة استهلاك الوقود وتبني التكنولوجيا الجديدة والمبادرات الخضراء في عملياتها واستخدام الوقود الحيوي وتطبيق إجراءات تشغيلية بكفاءة أفضل للبيئة.
كما تم تبني وإطلاق عدد من المبادرات البيئية وإعادة التدوير، سواء على الرحلات الجوية أو في مكاتب أو مستودعات الصيانة أو حظائر الطائرات في المطارات، التي من خلالها استطاعت بعض شركات الطيران بإعادة تدوير أكثر من 55٪ من النفايات لديها.
رغم أن نسبة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون التي يسببها قطاع الطيران عالمياً لا تشكل أكثر من 2% والتي تعتبر نسبة ضئيلة مقارنة بالنسب التي تصدر من السيارات والمصانع والتلوث البيئي الذي يسببه الأفراد والمؤسسات، إلا أنه توجد ضغوط كبيرة من بعض الحكومات والمنظمات العالمية، على صناعة الطيران، ما حدا برؤساء وممثلي المطارات وشركات الطيران ومصنعي الطائرات والمحركات والطيران المدني إلى الاجتماع في جنيف عام 2008.
وتم الاتفاق على نقطتين رئيسيتين، تتمثل الأولى في خفض انبعاث ثاني اكسيد الكربون 1.5% سنوياً حتى 2020، وبالتالي يصل الانخفاض إلى 17% من النسبة الرئيسية 2%.
والنقطة الأخرى تتمثل في الاتفاق على تقليل الانبعاثات في عام 2050 بنسبة 50% مقارنة بما كانت عليه في عام 2005. هذا الهدف أصبح ضمن استراتيجيات شركات الطيران.
في السنوات القليلة الماضية بدأت قلة من شركات الطيران في البدء ببرامج إعادة تدوير الورق المستخدم على متن رحلاتها، ولكن بعد ردود الفعل من قبل مجموعة من الركاب والناشطين في حماية البيئة التي وضحت عدم اعتقادها بأن شركات الطيران تفعل ما يكفي لإعادة تدوير النفايات على متن طائراتها، قامت الشركات البدء ببرامج أكثر جدية مما أدى إلى إعادة تدوير كامل للنفايات على رحلاتها الجوية.
هذه التجربة أثبتت ناجحاً كبيراً مما حدا ببعض شركات الطيران الإقليمية والعالمية الأخرى بتبني برامج مماثلة وإطلاق برامج إعادة تدوير كاملة، مما يعني أن جميع الألومنيوم والبلاستيك والزجاج والورق المستخدم أثناء الرحلات يتم إعادة تدويرها بعد الهبوط.
وبذلك تواصل هذه الشركات العمل بشكل وثيق مع شركائهم المختلفين لضمان إعادة التدوير بشكل يخدم الهدف المنشود في المحافظة على البيئة، حيث أسفر ذلك عن قيام بعض شركات الطيران من طباعة 75٪ من مجلاتها الجوية من الأوراق المعاد تدويرها.
جهود معظم شركات الطيران لا تتوقف عند حد معين أو مبادرات قصيرة المدى بل تتعدى ذلك بكثير إحساساً منها في الالتزام بالمحافظة على البيئة ويتجلى ذلك في الجهود التي تبذلها في تخفيض، وإعادة استخدام، وإعادة تدوير النفايات لديها في مكاتبها ومرافق صيانة الطائرات، حتى وصل كمية ما تم تدويره من الورق عند البعض منها ما يزيد من 300 طن منذ إدخال خدمة جمع وإعادة تدوير الورق لديها.
بالإضافة إلى ذلك، تقوم معظم شركات الطيران بتجهيز جميع مكاتبها ومستودعات الصيانة الخاصة بطائراتها والمرافق الأخرى بصناديق ومعدات تمكنها من إعادة تدوير المواد بما في ذلك المعادن، والخشب والبلاستيك والورق المقوى والزيوت والبطاريات.
إذاً، هل سنعتاد نحن جميعا أن لا نفصل المواد القابلة للتدوير من النفايات لدينا في منازلنا فقط، أم أن يتضمن هذا التوجه على متن الرحلات الجوية، بدلاً أن نجمع كل ما ينتج عنا من النفايات في نفس كيس القمامة؟ وهل ستقوم جميع شركات الطيران الإقليمية والعالمية في المحاولة بمعالجة هذه المسألة، بتبنيها مبادرات المحافظة على البيئة من خلال إعادة تدوير قمامتها المختلفة على رحلاتها الجوية؟ لابد لشركات الطيران باختلاف أحجامها، العمل معاً نحو تحقيق هدف المحافظة على البيئة التي تعتبر قضية نبيلة، من خلال تبني مبادرات وممارسات صديقة للبيئة، واتخاذ الخطوات اللازمة ليكون قطاع الطيران أكثر إخضراراً للمجتمعات وللأجيال القادمة.
كما ذكرت في أحد المقالات السابقة، استخدام طن واحد من الأوراق المعاد تدويرها يعادل المحافظة على حياة 17 شجرة حول العالم.