كشفت الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية قبل عدة أيام، أن 7 آلاف و19 مواطناً ومواطنة يمثلون 26 % من إجمالي عدد الموظفين في 35 جهة ومؤسسة اتحادية مستقلة، من أصل 27 ألفاً و321 موظفا بنهاية الربع الأول من العام الجاري.

وأشارت البيانات الإحصائية، أن عدد المواطنات من إجمالي المواطنين العاملين بهذه الجهات، بلغ 4 آلاف و10 مواطنات، في حين لم يتجاوز عدد الذكور 3 آلاف و9 مواطنين. كما أوضحت البيانات، إلى أن الوافدين يستحوذون على 74% من العاملين في هذه الجهات الاتحادية، بما يعادل 20 ألفاً و302 موظف وموظفة. هذه الأرقام تعتبر مشجعة مقارنة مع نسب التوطين في القطاعات الأخرى والدوائر المحلية.

كما توضح لنا هذه الإحصائية أهمية تكاتف الجهود والعمل على تحقيق رغبة قيادتنا الرشيدة بتمكين الكفاءات المواطنة من خلال توطين الوظائف ومنحهم الفرص الكافية في أثبات أنفسهم في شتى ميادين العمل.

قضية توطين الكوادر المواطنة في دولتنا الغالية تعتبر مسؤولية وطنية وأخلاقية وهدفا لا يختلف عليه اثنان، لكن للأسف أحياناً يغيب عنا التخطيط السليم والتكاتف الجماعي لتحقيقها.

ويكمن ذلك في عدة مهام رئيسية يجب اتباعها وأولها دراسة وتخطيط للمجالات الرئيسية والمهمة واحتياجات السوق وذلك بمعرفة واتباع الخطط الاستراتيجية للحكومة الاتحادية والحكومات المحلية والعمل على توفير تخصصات أكاديمية في الجامعات تساعد على تخريج كوادر متخصصة في هذه المجالات تلبيةً لمتطلبات سوق العمل. ثم استقطابهم للانخراط في مختلف المؤسسات بناءً على تخصصاتهم الأكاديمية والمعرفة العملية. كما يجب خلق بيئة عمل مناسبة لتشجيع الكوادر المواطنة في التميز والإبداع من خلال تكريمهم والثناء على تميزهم ونجاحهم.

بالإضافة يتطلب من المسؤولين تحقيق توجيهات وممارسات قيادتنا الحكيمة في تعزيز التوطين بالنزول لميدان العمل وتشجيع الشباب المواطنين والقيام بحل مشاكلهم العملية ومتابعة احتياجاتهم أولاً بأول. فليس من المعقول المشاركة في معارض التوظيف والإعلان عن الوظائف الشاغرة للمواطنين والتحمس في جذبهم في مؤسساتنا تم تهميشهم وعدم متابعتهم والاهتمام بهم. كما يجب أن يكون هناك تكاتف مهم في اتباعه فيما بيننا وذلك بدعم بعضنا البعض بدلاً من تفشي الحسد والتحدي والتنفير.

ما يلفت انتباهي هو الدعم والمساعدة التي تتلقاها بعض الجنسيات بين بعضها البعض في الحصول على فرص عمل جديدة. فليس غريباً أن تجدهم يساعدون أبناء جنسيتهم في توفير فرص عمل لهم وتقديم النصائح والإرشادات عند قدومهم للدولة، حتى أصبح الفرد منهم يضمن حصوله على فرصة عمل جديدة وغالباً ما تكون أفضل بمجرد التفكير في ترك مكان عمله والانتقال لمكان أو مجال آخر.

لذا يتوجب علينا توفير وسائل المساعدة والدعم فيما بيننا، والعمل جميعاً في التميز والرقي في الميادين التي نعمل فيها. يجب علينا أن نهيئ الخط الأول والثاني والثالث، والإيمان بالمقولة بأن الوظيفة "لو دامت لغيرك ما آلت إليك" أو كما يقال "كرسي الوظيفة يشبه كرسي الحلاق"، يجلس كل شخص يأخذ وقته على الكرسي ويرحل، ويأتي غيره يجلس، وهكذا! ينبغي ايضاً إنشاء مراكز ومعاهد أكاديمية مختلفة التخصصات على مستوى عالٍ من الكفاءة رغبة في تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية، حيث بدأت تظهر نتائج التدريب في بعض المعاهد المختصة في المصارف والطيران وغيرها، والمساعدة بتنفيذ استراتيجية التوطين في الدولة.

فلا بد من وجود تنسيق متكامل بين هذه المعاهد والجهات المختلفة في توفير فرص تدريب مستمرة ومتكاملة للكوادر المواطنة في مختلف المستويات الإدارية، حتى يكون هناك تناغم ما بين خطط التوطين لدى الجهات الحكومية ومعاهد التدريب. ذلك لا يمنع بالطبع إرسال بعض هذه الكوادر، خاصة المتميزة وصقل مهارتها من خلال المشاركة في الزيارات وورش العمل والمعارض المختلفة المقامة خارج الدولة، خاصة في الدول المتقدمة في تلك المجالات.

فلن نستطيع تحقيق رؤية حكومتنا بتحقيق المراكز الأولى في شتى الميادين إلا إذا ما واكبنا آخر التقنيات واستقطبنا الممارسات الحديثة والتخطيط المستمر بأن تكون دولتنا دائماً في الصدارة. هذا هدف يجب أن لا نتنازل عنه أبدأ، وان يكون نبراساً للأجيال القادمة بتشجيعهم في الاستمرار بتحقيقه، رغبةً في خلق اقتصاد وطني قوي ومتميز يحقق لدولتنا الغالية الريادة الدائمة.