يسألني أحد الأصدقاء وهو طبيب يعمل في مجال الإقلاع عن التدخين، عن مدى قانونية علاج طلبة المدارس الذين لم تكتمل لهم سن الأهلية القانونية، هل يجوز أن يباشر الطبيب في علاجهم ومساعدتهم للإقلاع عن التدخين دون إذن من أولياء أمورهم، وذلك بناءً على رغبة الطلبة أنفسهم؟ وهل على الطبيب أية مسؤوليات أو التزامات قانونية في هذه الحالة؟

أعادني هذا السؤال إلى القواعد العامة في أهلية القاصر الواردة في قانون المعاملات المدنية الاتحادي، الذي أعطى الأهلية الكاملة لكل من أتم الحادية والعشرين سنة قمرية، أما من أتم السابعة عشرة من عمره ولم يتم الحادية والعشرين سنة قمرية فاعتبره القانون ناقص الأهلية وسماه مُمَيزاً، وأعطاه الحق في التصرف بالتصرفات القانونية النافعة نفعاً محضاً كقبول الهبة والهدية.

كما أرشدني هذا السؤال إلى البحث في قانون المسؤولية الطبية الاتحادي رقم (10) لسنة 2008 ولائحته التنفيذية، الذي نظم التزامات الطبيب في الدولة ومسؤولياته تجاه المريض، فوجدته قد نص على أن المريض يكون أهلاً للموافقة على إجراء العملية الجراحية غير الطارئة إذا أتم الثامنة عشرة من عمره.

وهذا نص خاص، أي أنه خصص نص الأهلية العام الوارد في قانون المعاملات المدنية الذي ذكرته، والذي يعطي الأهلية الكاملة لمن أتم إحدى وعشرين سنة قمرية. والقاعدة أنه إذا تعارض النصان يقدم النص الخاص على النص العام، فيقدم نص قانون المسؤولية الطبية على نص قانون المعاملات المدنية في حالتنا هذه.

أما إذا لم يتم المريض الثامنة عشرة من عمره، فقد ألزم قانون المسؤولية الطبية الطبيب بأخذ الموافقة الكتابية على إجراء العملية الجراحية غير الطارئة، من أي من أقارب المريض ناقص الأهلية حتى الدرجة الرابعة، كما نص القانون كذلك على مراعاة إبلاغ ذوي المريض غير مكتمل الأهلية بطبيعة مرضه ودرجة خطورته.

ويمكن أن أخلص بنتيجة عامة في هذا الشأن، مفادها أنه يجوز للطبيب البدء في معالجة المدخن القاصر الذي أتم الثامنة عشرة من عمره، دون أخذ إذن مسبق من ولي أمره، لأنه يملك لنفسه أهلية الموافقة على إجراء العمليات الجراحية، والقاعدة أن من يملك الأكثر يملك الأقل وهو العلاج من التدخين.

أما إذا كان عمر المدخن يتراوح بين السابعة عشرة ولم يتم الثامنة عشرة من عمره، فيجوز للطبيب البدء في علاجه لسببين؛ الأول أنه لا يوجد نص يمنعه من البدء في علاج القاصر، والثاني أن قواعد الأهلية العامة تجيز تصرف القاصر المتمثل في طلب العلاج ومساعدته على الإقلاع عن التدخين لأنها ستعود عليه بالنفع المحض، خاصة .

وأن العلاج الذي يتلقاه مجاني. لكن على الطبيب أن يُبلغ الجهات المختصة في الجهة الحكومية التي يعمل فيها، لتقوم بالتواصل مع أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة من الذين يمكن أن يتعاونوا مع الطبيب والقاصر لمساعدته في الإقلاع عن التدخين.

كما يجب أن يبين لهذا القريب طبيعة المشكلة التي يعاني منها القاصر، ودرجة خطورتها وطرق علاجها، وتؤخذ منه الموافقة الكتابية اللازمة لمتابعة العلاج، ويستحسن لو تم شرح الدور النفسي والاجتماعي المطلوب منه، حتى يتحقق النفع المطلوب من العلاج، وكل ذلك بما يتوافق مع الإجراءات والأنظمة والقرارات الداخلية للجهة الحكومية التي يعمل فيها الطبيب.