لا أدعي أنني صاحب عنوان المقالة، وإن كان يعبر عما يجيش في خاطري. فالعنوان وضعته جريدة «القبس» الكويتية لمقالة تتحدث فيها عن فوز دبي الرائع باستضافة حدث اقتصادي عالمي هو إكسبو 2020.

ولا شك أنه عنوان له دلالته، إذ إن حصادنا العربي من ربيعنا لم يأت بعد بثماره المطلوبة، وهي حياة حرة كريمة ومستقرة لشعوبنا العربية، التي تتوق إلى الحرية مقرونة بازدهار اقتصادي يجلب الرخاء والعيش الكريم للجميع.

وفي ظل ما نراه، فثمة تشاؤم بات يخيم على الكثيرين، من أننا لن نحصد غير المر من هذا التغيير، وذلك لركوب الجماعات الدينية المتطرفة موجة هذا الربيع، واستغلالها لصالح مشروع موغل في التخلف يتناقض مع روح العصر ومتطلبات الدولة الحديثة القائمة على المواطنة المتساوية.

ولِم ينبغِ لربيعنا أن يكون سياسياً فقط، فيقلب أنظمة دون أن يضع مكانها أفضل منها؟ فالربيع الاقتصادي أيضاً سيغير من أحوال شعوبنا عبر مبادرات كتلك التي أقدمت عليها دبي، والتي لن يكون تأثيرها بحدود دبي فقط، بل سيتخطاها إلى الفائدة العامة التي ستجنيها دولة الإمارات الشقيقة ككل، فضلاً عن المنطقة برمتها.

وها نحن نرى كيف تتقاطر شركات المنطقة، وبالذات الشركات العاملة في دولنا الخليجية، على دبي لفتح فروع لها، أو الاتصال بمثيلاتها من الشركات المحلية لاقتناص الفرص الاستثمارية التي ستوفرها السوق إلى قيام المعرض بعد ست سنوات.

لقد غير نجاح دبي نفسية الإنسان العربي، فبات الكل يقول: لماذا لا يكون إكسبو 2025 في مدينتا؟ ومحيت من أذهانهم «نظرية المؤامرة» التي طالما تمسكنا بها، والتي اتخذناها مشجباً نعلق فوقه فشلنا وتكاسلنا وإحالتها إلى نظرة العالم المعادية لنا.

فها هي دبي العربية قد فازت بجدارة من الجولة الأولى تقريباً، ولو كان ثمة تآمر ضد العرب لفازت المدن المنافسة. وهي علمتنا درساً مفاده أن العمل الدؤوب والمثابرة والتخطيط وحسن العرض والاستعداد ورؤية القيادة الثاقبة وطموحها، هي وحدها عوامل وأسباب النجاح والتفوق.

ودبي قد علمتنا فوق هذا وذاك، أن العرب باستطاعتهم - لو عملوا - أن ينافسوا الدول والمجتمعات الأخرى في تنظيم المهرجانات والمعارض واللقاءات العالمية، وهم أيضاً قادرون على أن ينظموا اللقاءات الرياضية العالمية، كالدورات الأولمبية أو مباريات كأس العالم. فلا أحد يقف أمام طموحهم، إلا السير فيما سارت فيه دبي نحو التفوق والنجاح.

لقد وضعت قيادة دبي الرشيدة نصب أعينها استضافة مثل هذا الحدث الاقتصادي الدولي العظيم، والذي يتم تنظيمه منذ قرن ونصف القرن. فلم تكن مجرد أمنية، بل أعدت العدة له، ودخلت الحلبة وهي واثقة من النصر، فلم يكن مستغرباً أنها ستفوز من الجولة الأولى، وأن الجولتين الأخريين كانتا تحصيل حاصل، فإنجازاتها كانت كافية لتبهر الجميع وتقنعهم بأحقيتها في تنظيم هذا الحدث الدولي الكبير.

لا حاجة بنا لأن نشير إلى مطارها، وما يستقبله من أعداد هائلة من المسافرين. وهي لم تكتف بهذا المطار وحسب، بل أنشأت مطاراً آخر، سيكون محطة عالمية جديدة تصل الشرق بالغرب. والتنقل في أرجاء المدينة من الأمور الميسرة للجميع وبأسعار معقولة، بدءاً بمتروها «الأنيق» وانتهاء بأبلامها (جمع بَلَم) التقليدية التي تنقل الراكبين بين ضفتي خورها الجميل، ناهيك عن اليسر والسلاسة والسرعة في إجراء المعاملات المختلفة المتعلقة بالنشاط الاقتصادي.

أما أسواقها فهي لا تحتاج إلى تبيان، من تلك الأسواق الشعبية التقليدية التي تجذب السائح الغربي الباحث عن تراث الشرق، إلى تلك المجمعات الحديثة التي توجد فيها جميع الماركات العالمية المعروفة. وهي تضم على أراضيها مجموعة ضخمة من الفنادق والشقق الفندقية النظيفة والمعتدلة الأسعار، التي ترضي جميع الأذواق وتناسب جميع الجيوب.. بالجملة، إن دبي تمتلك بنية تحتية لا تمتلكها أي دولة في المنطقة، وهي بزت المدن الثلاث بذلك.

أخيراً، إن دبي جزء من دولة الإمارات العربية المتحدة، الدولة الناهضة التي ينعم أهلها بالأمن والأمان في ظل قيادتها الحكيمة، فلا عجب والحال هذه أن تفوز دبي باستضافة إكسبو 2020، بحق وعن جدارة.. و«عقبال» باقي المدن العربية.