تبهرنا دولتنا الغالية بنجاحاتها وإنجازاتها المتتالية التي لم تعد فقط فخراً لنا نحن أبناءها بل لكل الخليجين والعرب. خلال الشهر المنصرم نظمت الدولة وتحديداً دبي، معرض الطيران الذي احتضن العديد من الطائرات العسكرية والمدنية التي عزفت محركاتها أحدث وأفضل السمفونيات خلال عروضها الجوية.

وانتهزت العديد من شركات الطيران ومصنعي الطائرات والمحركات والشركات المختصة بصناعة الطيران الفرصة بالإعلان عن صفقاتها التاريخية التي غلب على معظمها كلمة "مليار" حتى اختتم المعرض بمجموع صفقات بلغت أكثر من 792 مليار درهم، وذلك بالطبع جعل المعرض يحطم الأرقام القياسية التي تم إنجازها سابقاً في المعارض العالمية، وما يسعدنا أن الشركات الوطنية كان لها نصيب الأسد، مهيمنةً على المعرض بصفقات بلغت أكثر من 636 مليار درهم والتي شكلت مفاجأة للعالم وتصدرت وسائل إعلامه.

ويعد معرض دبي للطيران، محطة رئيسية مهمة تتطلع وتتوقف عنده الشركات العالمية الكبرى المختصة في صناعة الطيران، لأنه يفتح أمامها أبواب العقود والمبيعات على مصراعيه، ويستقطب المتنافسين من العالم تحت سقف واحد

. وما يلفت الإنتباه في الصفقات أن معظمها إن لم تكن جميعها قامت بها شركات الطيران الخليجية وخاصة الإمارات والاتحاد والقطرية، بالإضافة لبعض شركات الطيران الاقتصادية الخليجية.

وفي حين تعلن بعض شركات الطيران العالمية التي تمتلك تاريخاً طويلاً في عملياتها منذ إنشائها عن خسائر فادحة، وبعضها أعلنت أو في قيد الإعلان عن إفلاسها وأخرى تعرض نفسها للبيع، نجد الناقلات الخليجية تعلن عن أرباح بمليارات الدراهم.

ولتلبية الزيادة الكبيرة على رحلاتها، بسبب الخدمة والرفاهية التي تقدمها للمسافرين، نجدها توقع أكبرالصفقات لشراء الطائرات والمحركات بمئات المليارات.

المهم في هذه الإنجازات هو أن دولتنا الغالية هي من تقود هذه النجاحات والريادة العالمية في صناعة الطيران، حتى أصبحت تشجع الآخرين على مجاراتها في هذه الصناعة المهمة، لكن الأهم، هو أن عاصمتنا الحبيبة، أبوظبي، دخلت بثقة عالية في صناعة الطيران من خلال دخولها تصنيع بعض مكونات الطائرات ووقعت العديد من الصفقات وبعشرات المليارات.

دخول أبوظبي في صناعة الطيران جاء نتيجة للاتفاقيات الإستراتيجية الجديدة التي أبرمتها وحدة مبادلة لصناعة الطيران وتكنولوجيا الاتصالات والخدمات الدفاعية، التابعة لشركة المبادلة للتنمية (مبادلة)، شركة الاستثمار والتطوير الاستراتيجي، والتي زادت على 43 مليار درهم مع أهم الشركات العالمية في صناعة الطيران حسب ما أعلنت به مبادلة على موقعها الالكتروني خلال معرض دبي للطيران. ومن أهم هذه الشراكات كانت مع شركتي "بوينج" و "إيرباص" والتي من شأنها تعزيز دور الدولة في صناعة الطيران.

وتضمنت الإعلانات أهمية هذه الشراكات من خلال الدور الذي ستلعبه مبادلة على المدى الطويل كمورّد من الفئة الأولى لشركة "بوينغ" من خلال توريد مواد مركبة متطورة ومعادن معالجة لبرامج "بوينغ" التجارية، بما في ذلك برنامجا "787" و"777 إكس"، بالإضافة إلى حصول مبادلة على المزيد من الالتزامات من "إيرباص" لمنح طلبيات تصنيع إضافية بقيمة تبلغ نحو 7 مليارات درهم تقريبا، حتى 2030، لمنشأة التصنيع "ستراتا" المختصة في تصنيع هياكل الطائرات التابعة لمبادلة، وكذلك قيام "إيرباص" بالشراء من مبادلة مواد مركبة خام، عند بدء الإنتاج في منشأة تصنيع المواد المركبة الخام التي يجري التخطيط لإنشائها في أبوظبي.

وبذلك تحصل مبادلة على تطوير القدرات التصنيعية للمواد المركبة الجاهزة وألياف الكربون، ما يسهم في دعم مسيرة التطوير المستمرة لصناعة هياكل الطائرات، فضلاً عن تعزيز قدرات تصنيع المواد الخام في دولتنا. وكان إجمالي صفقات مبادلة مع "بوينغ" و"إيرباص" خلال المعرض 18,3 مليار درهم تقريبا.

مبادلة لم تتوقف عند تصنيع أجزاء من الطائرات، بل نظرتها الإستراتيجية أبعد من ذلك، وبالتحديد في صناعة محركات الطائرات، حيث أبرمت اتفاقات شراكات مع شركتي "جنرال إلكتريك أفييشن" و"رولز رويس". هذه الاتفاقات ستؤهل مبادلة في القيام في أنشطة صيانة وتصنيع وعمرة الجيل القادم من محركات الطائرات.

حيث ستعمل "جنرال إلكتريك أفييشن" و"رولز رويس" مع مبادلة على تطوير قدرات تصنيع قطع المحركات في أبوظبي، رغبةً في تعزيز مكانة مبادلة لتصبح مورداً لقطع غيار المحركات من الفئة الأولى في العقد المقبل، كما تدعم الاتفاقات طموحات مبادلة في تصنيع أجزاء محركات الطائرات من خلال توفير طلبيات أعمال بقيمة 3,65 مليارات درهم وتأسيس أول مركز من نوعه في الشرق الأوسط لأبحاث تكنولوجيا التصنيع المتقدمة.

بالطبع هذه الاتفاقات تمكن مبادلة من دفع قطاع صناعة الطيران والخدمات الدفاعية نحو المزيد من النمو والتطور. ليس ذلك فقط، بل ستعمل على توفير فرص متميزة للشركات المحلية عبر مختلف مراحل سلسلة الإمداد وإبراز مميزات وخصائص الاستثمار في عاصمتنا، بحيث تكون وجهة جاذبة لكبرى شركات صناعة الطيران العالمية لما تتمتع به من مزايا على صعيد الموقع الجغرافي والتشغيلي والمالي، كل ذلك يساهم في تأسيس مجمع جديد متكامل ورائد لصناعة الطيران. إن هذه الاتفاقات الإستراتيجية المهمة تمثل خطوة مهمة وإنجازاً نوعياً نحو تحقيق هدف مبادلة بأن تكون أبوظبي أيضاً عاصمة صناعة الطيران في المنطقة.

ليس فقط من حق مبادلة، بل من حقنا كمواطنين ومقيمين على أرض الإمارات، أن نفتخر ونعتز في استثماراتها في دولتنا وشراكاتها الإستراتيجية مع مختلف قطاعات الطيران حيث توضح من خلال موقعها الإلكتروني بأن القاسم المشترك الذي يجمع بين مختلف استثمارات وأصول شركة مبادلة هو الفرص التي توفرها للأجيال الحالية والمستقبلية، وإسهاماتها في بناء الأعمال من أجل دعم مسيرة التطوير والتنوع الاقتصادي في عاصمتنا، من خلال إقامتها شراكات مع الشركات الرائدة عالمياً والتشجيع على اكتساب المعارف وتطوير المواهب عبر مختلف القطاعات والمناطق الجغرافية.

ما نجده من تخطيط وشراكات وإستراتيجيات لشركاتنا الوطنية لايقبل الشك بأن دولتنا، لا تقبل إلا أن تكون صاحبة المركز الأول جواً وبحراً وبراً، لهذا ما تشهده الدولة من اتفاقات ونشاط مستمر وشغف في اقتناص كل فرص الاستثمار في جميع المجالات خاصة الطيران لاشك سيعزز دور دولتنا في قيادة منطقة الشرق الأوسط في صناعة الطيران، فكل قادتها وخلفهم أبناؤها لا يرضون ولا يقتنعون إلا أن تكون دولتهم مصدر فخرهم وعنوان تفوقهم رغبةً في التحليق عالياً بأجنحة العز والنجاح.