في وقتنا الحاضر، لا يكاد بيت يخلو من الخادمة، التي ما فتئت تشكل عنصراً أساسياً في خليط تكوين الكثير من الأسر، حتى بات غيابها يعني غياب ركن أساسي من أركان البيت، وعدم استقرار ساكنيه، ولا نبالغ إن قلنا إنها لعبت أدواراً جديدة فاقت مسؤولياتها المنوطة بها، ودواعي جلبها، فأمست أماً وأباً وصديقة ومربية، وحافظاً لأسرار مخدوميها.

وبصرف النظر عن إشكالية الإفراط في الاعتماد على الخادمات، إلا أن الثقة الزائدة التي منحها بعض "الأرباب" لبعضهن، والتعاطي معهن ببراءة وطيبة، ومن دون تحوط أو تحرص على خصوصياتهم، جلب مصائب عدة، ليس أكثرها جرائم السرقة، التي باتت تشكل نسباً متزايدة من سرقات البيوت والشقق السكنية.

قاعات المحاكم لا تخلو كل يوم، من قضايا سرقات خادمات خلعن ثوب العفة والأمانة، وقمن بدور المجرمات في بيوت من ائتمنهن على بيته وأطفاله وماله، وسرقن كل ثمين وقع في مرمى عيونهن، بعدما خطف بريق المجوهرات والمال "المسجى" بغير حرص، أبصارهن، وأعماهن عن حفظ الأمانة.

سرقات الخادمات، لا تحكمها جنسية، ولا سنوات خدمة، ولا شكل المعاملة التي يرسمها أرباب الأسر، ولا حتى رواتبهن، ومن يسرق منهن لا تسرق بذكائها الخارق، ولا بمهاراتها العالية في إخفاء خيوط الجريمة، وإنما لإهمال الكثيرين على قاعدة "المال السايب يعلم السرقة".