"بحضور رئيس دولة الإمارات وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى للدولة، تم بنجاح إطلاق أول صاروخ عربي حامل للأقمار الاصطناعية، هذا وقد صرح معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي بأن هذا الإنجاز الرائع ما هو إلا الخطوة الأولى لثورة تكنولوجية لدولة الإمارات.

وأضاف إن توجيهات صاحب السمو رئيس الدولة تقضي بتسريع مفاوضات التعاون مع وكالة الفضاء الدولية كعنصر فاعل، والعمل على إنتاج كبسولة فضائية لنقل رواد الفضاء والإمدادات المختلفة للمحطة الفضائية الدولية".. هكذا ستنقل الخبر وكالات الأنباء من مدينة العين في 1/12/2025.

ما أجملها من هدية يقدمها رئيس الدولة لشعبه، بمناسبة اليوم الوطني لدولة الإمارات.. إن إنجازات الدولة تتوالى وتتكلم عن نفسها، يا لها من مسيرة.. ففي 15/11/2025 قام صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء بتدشين حاملة الطائرات "زايد" لتقود الأسطول الأول للدولة.

وبهذه المناسبة صرح اللواء الركن قائد القوات البحرية، بأن الإجراءات والمشاورات قائمة لإجراء أول مناورات عسكرية للأسطول بقيادة حاملة الطائرات زايد، مع الدول الصديقة في جنوب شرق آسيا، وهكذا أصبح لدولة الإمارات باع تطال الفضاء وأخرى تطال المحيطات السبعة.

يرى الكثير أن التصور أعلاه ضرب من الخيال.. أولاً يرون أننا نعيش الخيال؟ فإننا إذا رجعنا إلى ثلاثة عقود من الزمن، من كان يحلم بأن دولة الإمارات ستصل إلى ما وصلت إليه! لا أحد يستطيع أن يحدد معطيات المستقبل على دولة الإمارات خلال العقود الثلاثة المقبلة، فقد تخطت الدولة المزيد والمزيد من الإنجازات التي وضعتها في المراتب الأولى إقليمياً ودولياً.

ومنها مطار آل مكتوم أكبر مطار دولي، وطيران الإمارات أكبر شركة طيران دولية، وتشكل شبكة الاتصالات أكبر شبكة اتصالات دولية، وتشكل "مبادلة" أكبر شريك استراتيجي عالمي.. والكثير الكثير.

 نعم، دولة الإمارات أصبحت مركز الجذب وعلى مستوى عالمي راقٍ في جميع المجالات، وهذه المقومات تعطيها تلك البنية التحتية المتطورة والقوية، لانطلاقة جديدة ومستمرة لا مثيل لها من الإنجازات التي يصعب اللحاق بها.

تشترك الدول مجتمعة في طموحاتها وأهدافها لمستقبل واعد لشعوبها، ولكن يأتي الاختلاف بينها في مستوى التنفيذ وصواب نظرة القيادة الحاكمة، ويعود لهذا العامل تفسير سبب تخطي دولة الإمارات للكثير من الدول بمختلف المقاييس الحضارية.

تشكل الظروف الخارجية المحيطة فرصاً سانحة كعامل لبناء قوة الدولة، فقد استفادت الولايات المتحدة على مدى عقدين من الزمن بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، لبناء قوتها في جميع المجالات بينما كانت الدول الأوروبية والآسيوية منهمكة في إعادة إعمار الخراب والدمار الذي ولدته الحروب.

إن سيناريو كهذا من الممكن أن تكون له انعكاسات إيجابية على دولة الإمارات، في ظل ما يجري من حروب وثورات من حولها. وعادة تحتاج الدولة التي خرجت من ثورة، أربعة إلى ستة أعوام لتصل إلى نقطة الاستقرار، ومن ثم زمناً آخر لإعادة البناء.. وكما نعلم فإن الثورة لا تأتي على طبق من ذهب، بل على طبق من دم.

وقد شهدت دولة الإمارات تجارب مختلفة في انتقال القوة الإقليمية إليها، وكان انتقال القوة التجارية والمالية الإقليمية إبان الحرب الأهلية اللبنانية، من بيروت إلى دبي خير مثال لذلك، وكانت دبي على استعداد لاحتضان نقلة استراتيجية كهذه، ولم تقف عند هذه النقلة، بل أخذت زمام الأمر لتوسعة طاقتها الاستيعابية لتصبح مركز ثقل تجاري ومالي على المستوى العالمي.

وللدبلوماسية الإماراتية نشاط غير مسبوق في إرساء قواعد التعاون الإقليمي والدولي، ولمجهوداتها في العلاقات الدولية أصبحت الدولة لاعباً مسؤولاً وعاقلاً، يُستمع لصوتها وتثمن طاقتها الاستيعابية لمجريات الأمور الدولية.

وهنا يتساءل البعض ما هو الثقل الإقليمي الذي سيلقيه الترتيب الجديد على دولة الإمارات؟ وتنبع قوة الدول من عوامل ومكونات داخلية لتلك الدولة، فدولة الإمارات تتربع بين الدول الخمس الأولى في مؤشرات 1- جودة الحياة، 2- القوه الشرائية للفرد، 3- الأمان، إلا أنها في مستوى متدنٍّ في المؤشر الصحي، مما يتطلب استراتيجية جديدة وتفعيل القطاع الخاص للرقي بهذا المؤشر.

إن الحفاظ على هذه المراكز ليس بالشيء السهل، وإضافة مراكز أخرى في خانة التميز الدولي هو التحدي الحقيقي أمامنا.

وفي الشأن الداخلي تعتمد دولة الإمارات على الصناديق والهيئات والمنح المباشرة من رئيس الدولة، لإثراء وتقدم المجتمع الإماراتي، وهذه كلها أمور تعزز الاستقرار والولاء للدولة، وقد وضعت استراتيجيات خاصة فيما يتعلق بتوطين الوظائف الحكومية والخاصة.

ومن طرف آخر فإن هناك ثغرة في مجتمع الإمارات، فهو يفتقر إلى اليد العاملة الوطنية في الكثير من الوظائف، مثل السائقين والحرس المدني.. وهذا يتطلب استراتيجية تنمية العمالة الخدمية واليدوية الوطنية، حيث تشكل الطبقة العاملة المحرك الإنتاجي والاقتصادي للدول.. إننا في مرحلة إعادة بناء الطبقة العاملة في الإمارات التي همشها اكتشاف النفط.