دائماً ما تكون وزارات الخدمات في السودان خاضعة لعامل التوازنات السياسية ودون معايير محددة لاختيار الشخص المناسب للمكان المناسب، مع تجاهل مؤسسات تلامس حياة الناس. فوزارة الصحة، ظلت لسنوات الأكثر عرضة للمساومات والترضيات السياسية، دون مراعاة ارتباطها بصحة الناس؛ وآخر الترضيات جعلت الوزارة من نصيب حركة التحرير والعدالة المتمردة عقب اتفاقية سلام الدوحة، وأوكل أمر تصريف علاج الناس وحمايتهم لقائد حركة متمردة وليس من ذوي الاختصاص.
فكانت نتيجة ذلك هروب الأطباء والاختصاصيين إلى خارج البلاد، وافتقرت مستشفيات الولايات لأبسط مقومات العلاج، وتفشت الأمراض خاصة الخطيرة والمعدية وأبرزها الإيدز. ودقت جهات عدة ناقوس الخطر، وقدرت الأمم المتحدة عدد المصابين بالمرض في السودان بين 58 و84 ألف نسمة، مايمثل تحدياً أمام الحكومة ، لتراجع مواقفها، لتراعي الاختيار والتعيين للمناصب التي تتولى شؤون المواطنين وتمس حياة الناس الغلابة وتحديداً المرتبطة بالصحة في البلاد.