التحرك السياسي المصري نحو الأشقاء والأصدقاء الذين دعموا مصر سياسياً واقتصادياً مواجهة لمحاولات الابتزاز الأميركية، والذي جسدته زيارات الرئيس المصري للمملكة السعودية وللاتحاد الروسي بعد توليه الرئاسة بانتخاب شعبي ديمقراطي واضح، تترجم ما عبر عنه المشير السيسي بعد الثورة، بأن الشعب المصري لن ينسى من ساند ثورته ، وستبقى مصر مقدرة للأشقاء وللأصدقاء.

بمقدمة الأشقاء الذين أيدوا إرادة الشعب المصري كانت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت، وبمقدمة الأصدقاء الذين ساندوا خيارات الشعب المصري كانت روسيا الاتحادية، وتجلى دعمهم لمصر بعد ثورة يونيو الشعبية المضادة للمشروع الصهيو أميركي الشرق أوسطي عندما أسقطت حكم أداته الإرهابية وهي «جماعة الإخوان» التي حسم القضاء أمرها بعد قرار الشعب إسقاطها.

بين التحدي الغربي لمصر والتصدي العربي بدعمها، نبعت الاستجابة الاستراتيجية المصرية القائمة على الارتباط الوثيق بين الأمن الوطني المصري والأمن القومي العربي باعتباره العمق الاستراتيجي لمصر العربية، وعلى أن قوة ونهضة مصر هي لحساب أمتها وليس على حسابها، وأنه لا بديل لمصر عن العرب.

كما تبلورت الاستجابات العربية عموماً والخليجية خصوصاً النابعة من التحديات والمؤامرات الخارجية بشعارات خادعة تحيط بالعرب، بأدواتها الإرهابية الداخلية من المتاجرين بالدين وبدماء المسلمين، ومن عملاء أعداء العروبة والإسلام، والقائمة على أن مصر القوية الناهضة المستقلة هي ركيزة الأمن القومي العربي وأنه لا بديل للعرب عن مصر.

تلك القناعة العربية هي ما ترجمتها وصية مؤسس الدولة السعودية الراحل الملك عبدالعزيز آل سعود لأبنائه بقوله: «إن قويت مصر قوي العرب، والعكس صحيح، ولهذا لا بديل للعرب عن مصر، ولا بديل لمصر عن العرب»..

وهي ما عبرت عنها وصية مؤسس الدولة الاتحادية للإمارات العربية القائد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لأبنائه بقوله: «مصر هي القلب لجسد الأمة العربية، ولو مرض القلب لسقط الجسد كله».

مصر شعباً وقيادة لن تنسى للشعب السعودي الشقيق ولا للشعب الإماراتي الشقيق دعمهما الكبير، ولا تنسى للعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز دعمه لمصر وتقديره لمكانتها التاريخية ودورها القومي بحرصه على زيارة القاهرة لتهنئة الرئيس السيسي بثقة الشعب وبرسالته التاريخية بما يحمله لمصر من مشاعر أخوية ومبادرات داعمة بقوله: «مصر هي مظلة العروبة والإسلام الكبرى».

ولهذا تأتي الزيارة المصرية للسعودية تعبيراً عن الامتنان.

ومصر شعباً وقيادة لن تنسى للشعب الروسي الصديق دعمه لإرادة الشعب المصري بثورة يونيو الشعبية، ولا للرئيس بوتين أنه كان أول من هنأ الرئيس السيسي بالرئاسة، ولن تنسى دعم روسيا التاريخي للجيش المصري بالسلاح عندما امتنعت أميركا عن تسليح مصر بعد ثورة يوليو الوطنية عام 52، ولا بالسلاح الذي انتصر به الجيشان المصري والسوري على العدو الصهيوني المدعوم أميركياً في حرب رمضان المجيدة. ..

كما لن تنسي الدعم الروسي لتأميم جمال عبدالناصر قناة السويس، ودحر العدوان الثلاثي الاستعماري بالإنذار الروسي الشهير، وبناء السد العالي رداً على التراجع الأميركي عن تمويل بناء السد، والمساهمة الجادة ببرامج التصنيع المصرية، ولهذا كان طبيعياً حرص المشير السيسي على أن تكون موسكو هي أولى محطاته بعد ثورة يونيو، وبعد انتخابه رئيساً، لتنمية وتعزيز التعاون الاستراتيجي بين البلدين الصديقين.

وفي ظل عالم تحكمه المصالح وتتوارى عنه المبادئ، خصوصاً في أميركا، ومع ألاعيب السيرك العالمي في أوروبا المثيرة للضحك أو للرثاء، حين تبدو المواقف المتناقضة عادية ويبدو انقلاب السياسات طبيعياً، وتحول رعاة الديمقراطية إلى رعاة للديكتاتورية وأعداء للديمقراطية، ودعاة السلام إلى رعاة للإرهاب، وأدعياء حريات وحقوق الشعوب المقهورة هم أنفسهم أعداء الشعوب العربية الحرة، ومرضي الإسلاموفوبيا بالأمس هم أنصار الإسلامويين اليوم! فلا عجب أن نواجه عالماً يمشي على رأسه، وعدالة دولية مائلة مع المصالح على حساب المبادئ، ومع القوة على حساب الحق.

عندما انطلق الشعب العربي المصري ضد المشروع الإخواني المناقض للمشروع الوطني المصري والقومي العربي والإسلامي، كان يرفض التبعية للمشروع الصهيو أميركي، ويعيد مصر إلى مصريتها، وعروبتها وإسلامها، لتصطف مع أمتها ومع أشقائها وأصدقائها سعياً للاستقلال الوطني والتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية في مواجهة أعداء الوطنية والقومية وتجار الدين شهود الزور على العروبة والإسلام.

ومثلما تنبع هذه المواقف العربية من واقع المصالح الاستراتيجية العربية ومن واقع وحدة الخطر ووحدة المصير العربي، ووفاء من العرب الأوفياء لمواقف الشقيقة الكبرى مصر عبر التاريخ دفاعاً عن القضايا العربية، فسوف يظل الشعب المصري وفياً لكل المواقف العربية والعالمية الشريفة التي دعمت إراداته واستقلاله وتنميته، وهو الذي كانت أياديه دائماً داعمة لمقاومة الاستعمار ورافعة لرايات الاستقلال والتنمية العربية.. لهذا أقول كمصري: شكرا للأشقاء.. وللأصدقاء.