لا يخفى على الكثيرين أن التخطيط الاستراتيجي هو التخطيط بعيد المدى، الذي يأخذ في الاعتبار المتغيرات الداخلية والخارجية، ويحدد القطاعات والشرائح المجتمعية المستهدفة وأسلوب العمل، الذي يتحتم عليه أن يجيب عن التساؤل الرئيس الذي من أجله وضعت تلك الخطة، والذي يمكن صياغته ببساطة بقولنا: «إلى أين نحن متجهون؟»، آخذاً ذلك التخطيط في الاعتبار الرؤية المستقبلية للمؤسسة، وعلاقة الارتباط والتكامل بين جوانب المؤسسة والمبادرات المختلفة بها والعلاقة بين المنظمة وبيئتها، ضمن منظومة العمل المتكامل، ويعد التخطيط الاستراتيجي مكوناً رئيساً من مكونات الإدارة الاستراتيجية ويختلف عن التخطيط التقليدي، حيث يعتمد على تصور وضع الشركة في المستقبل، وليس استشراف المستقبل والاستعداد له.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن الابتكار يعني التطوير الخلّاق، أي تطوير قيم جديدة للمستهلك ولكن بطرق جديدة.

ويتم إنجاز ذلك من خلال تفعيل منتجات مبتكرة عبر نوع متخصص من المشروعات يدعى المشروع المبتكر أو عبر عمليات وخدمات مبتكرة أو أفكار متاحة بسهولة في الأسواق، أو الحكومات، أو المجتمع بفاعلية أقصى.

وفي أغلب الأحيان يتم توظيف طرق ومنهجيات التطوير الابتكاري. ولو طبقنا تلك المفاهيم السابقة على خطة دبي 2021 لوجدناها تتلخص في مفهوم واحد، وهو أنها خطة مبتكرة بكل المقاييس. وسأستعرض معكم خلال السطور القادمة مشاهد إبداعية من مدينة الإبداع.

بادئ ذي بدء: من الأهمية بمكان أن نعي أنه حين قررت دبي أن تطلق خطتها 2021 اهتمت بأدق التفاصيل، بل واهتمت بأن تجعلها انطلاقة إبداعية لخطة مختلفة، ومن مشاهدها التي أثارت شغفي كما هو حالي- بموضوعية من دون تحيّز- لكل ما تنجزه دبي، اخترت لكم المشاهد التالية.

المشهد الأول: مختبرات الإبداع ودور رائع للأمانة العامة، إذ تعد مختبرات الإبداع تنفيذاً حياً وعملياً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي دائماً يوجه إلى ضرورة النزول إلى الميدان، والاستماع للناس، والنظر في مختلف قضاياهم حتى يتسنى تحقيق الغاية المتمثلة في إسعادهم وإرضائهم.

واتبعت الأمانة العامة أسلوباً مبتكراً في بناء الخطة، اعتمدوا فيه على حشد الأفكار عبر توسيع دائرة المشاركين في وضع سياقها العام، من خلال تكثيف ورش العمل وجلسات العصف الذهني، التي شاركت فيها نخبة من العقول ممثِلة لمختلف شرائح المجتمع بقطاعيه الحكومي والخاص والمجتمع المدني، وأفراد من مختلف الأعمار والتخصصات، لضمان أن تأتي الخطة معبّرة بدقة عن تطلعات المجتمع وطموحاته.

لقد«قام فريق عمل الأمانة العامة للمجلس التنفيذي بتوفير الإمكانات المتاحة لخلق بيئة خصبة للإبداع وتخيّل مستقبل أفضل لدبي، وكانت النتيجة أن حصدنا مجموعة من المقترحات، ضمن مبادرات وبرامج استراتيجية تصبّ في مجملها في مصلحة مجتمع الإمارة»، كان ذلك تعليق عبد الله الشيباني على مختبرات الإبداع.

لقد نلت شرف المشاركة في تلك المختبرات، التي يمكن تلخيصها في أن الإبداع كان حاضراً بكل تفاصيله في تلك المختبرات، فمن لحظة دخولك للقاعة التي كانت في فندق الميدان بدبي وأنت تشاهد الإبداعات، فالبيئة التي تم تحضيرها كانت تشحذ الذهن وبقوة نحو المبادرات.

اختتمت الجلسة بزيارة رائعة من سمو الشيخ حمدان، وقد جلس معنا في جلسة أخوية ومتواضعة، وقال سموه بتواضع جم «إنني أشعر بالإبداع منذ لحظة دخولي، كما أنني لا أرى نفسي بينكم شيخاً بل واحداً منكم وهذا يجعلني سعيداً».

كم أنت رائع يا فزاع! قبل أن أنتقل إلى المشهد الثاني، إن احتضان فندق الميدان لمختبرات الإبداع له دلالات كثيرة، هذا الفندق الذي احتضن كأس دبي العالمي للخيل، فالخيل رمز السباق، وبه اشتهرت دبي والعرب، وقد قالها سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «في سباق التميز ليس هناك خط للنهاية»، دبي بدأت بالتميز وها هي تسابق الابتكار، وفي دبي وفي حضرة وجود القائد الفارس، إن لم تكن لائقاً للسباق فلن يكون لك مكان في الفريق، أو كما قال سموه في قصة الغزال والأسد «مع إطلالة كل صباح في أفريقيا يستيقظ الغزال مدركاً أن عليه أن يسابق أسرع الأسود عدواً، وإلا كان مصيره الهلاك.

ومع إطلالة كل صباح في أفريقيا يستيقظ الأسد مدركاً أن عليه أن يعدو أسرع من أبطأ غزال، وإلا أهلكه الجوع. لا يهم إن كنت أسداً أو غزالاً فمع إشراقة كل صباح يتعين عليك أن تعدو أسرع من غيرك حتى تحقق النجاح»، لذلك فنحن في كل صباح نستيقظ ونحن ندرك أن علينا أن نكون أسرع من غيرنا، بل وأجدر بالمكانة التي نحتلها، وعيوننا على ما يليها.

يتبع غداً