يقول الزعيم الألماني النازي أدولف هتلر بأنه إذا ما أردنا السيطرة على أمة فإن علينا نزع السلاح من أيدي أبنائها. التطبيق واضح في حركة التغيير العربي التي بدأت بالعراق عام 2003 وتدق أبواب الأقطار العربية بالتتابع والتوالي. لا توجد دولة عربية واحدة تستثنيها ظاهرة أو خطة نزع أسلحة تلك الدول.

المعارَضات السياسية والأنظمة الحاكمة تساهم بشكل واضح، أو هي سيقت هكذا، في عملية نزع أو تدمير قوة العرب التسليحية والدفاعية المنظمة؛ مع التركيز على الأسلحة الاستراتيجية وأسلحة الجو والقدرات الصاروخية.

الظاهرة واضحة أكثر في العراق وليبيا وسوريا واليمن، وأقل وضوحاً منها في تونس ومصر والدول القادمة. طبيعة الأنظمة البائدة والجديدة تحدد حجم التدمير الذي يحل بالجيوش العربية؛ البرية والجوية والبحرية، والكفاءات العلمية التقنية والخبرات الميدانية.

المعارضة العراقية ساهمت بشكل علني ومثابر، وعملي ميداني، في تدمير قوة الجيش العراقي؛ أكثر الجيوش العربية قدرةً على التأثير في مواجهة القوة الإسرائيلية النوعية. من جاء بعد سقوط النظام العراقي السابق استمر على نفس الوتيرة في إنهاك وتدمير الدولة والجيش وحتى الشعب العراقي.

ذلك بطريقة اتسمت بالجهل والتخلف التنظيمي والإداري والعملي؛ إضافةً إلى استمرار الخطط الحثيثة الهادفة إلى التخلص ما أمكن من القوة العراقية. الأخيرة تعتمد على وحدة العراق أرضاً وشعباً، وقيادات سياسية باتت متناحرةً حتى الرمق الأخير من الوجود.

الأمر ذاته يتكرر في سوريا حيث يشترك الجيش السوري النظامي وقوات المعارضة في تدمير الترسانة السورية العسكرية الضخمة. ما لم تتمكن قوات التحالف من مهاجمته كسلاح تابع للدولة المعترف بها دولياً، باتت تهاجمه باسم ضرب القوى الإرهابية التي تسيطر على تلك المناطق والأسلحة.

لذلك يستمر نشاط طيران التحالف الدولي الهجومي المنظم بقيادة الولايات المتحدة في المحافظات السورية الشمالية. أينما دخلت قوات المعارضة المتطرفة، خاصةً ما سميت بداعش وجبهة النصرة وغيرها، فإن ذلك يعطي شرعيةً لضرب معسكرات الجيش السوري النظامي ومواقع تخزين الأسلحة والذخائر وقطع الغيار العسكرية. يصدق في الوضع السوري المثل الشعبي الساخر «من ينجو من القوم المتحاربين تقتله الفزاعة».

من المتوقع الاستمرار في ضرب قوة سوريا الآن، وفيما لو سقط نظام بشار الأسد، أسوةً بما حدث في العراق. يلحق بسوريا الدولة والنظام ما سيجري للحليف الاستراتيجي، والعقائدي، لها ألا وهو حزب الله اللبناني.

نظرياً، وشيئاً ما عملياً . يزيد من خطورة بقائه على الدولة العبرية احتمالية امتلاكه أسلحةً سريةً متقدمةً؛ تقليديةً أو غير تقليدية. ذلك ما يضعه في خطة نزع السلاح أو التدمير الكلي إذا ما اقتضى الأمر. حتى قوى المعارضة التي تصل إلى الحكم نفسها لن تُستثنى من خطة نزع السلاح أو تدميره.

تدفع ذلك ثمناً لوصولها إلى سدة الحكم والاستمرار في البقاء فيه. تظل القوى العربية تنهار على نفسها حتى تصل إلى درجة مقبولة دولياً غربياً عموماً؛ وأميركياً وإسرائيلياً خصوصاً. الأمر ذاته انسحب سابقاً على الوضع الفلسطيني، بعد أن تم تحييد القوة الفلسطينية العسكرية والسياسية بزعامة منظمة التحرير الفلسطينية.

الأخيرة تحولت بعد نزع سلاحها إلى شبه قوة رديف وظهيرة للأمن الإسرائيلي، والسياسة الأميركية. مالياً ارتبط عيش وبقاء السلطة بالمساعدات الأميركية الشحيحة والضرائب المستحقة للفلسطينيين على إسرائيل. لم تتأثر إسرائيل سلباً ولو بالحد الأدنى من هبوب رياح ربيع التغيير العربية.

على العكس ازدادت قوةً، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً. أصبحت القوة الضاربة الوحيدة، عسكرياً واقتصادياً، في المنطقة. يحدث ذلك في غياب أي نوع من التعقل والحكمة والتخطيط في تسيير أمور التغيير العربي.