الكثير من الإماراتيين ممن يهوون جمع الأدوات الأثرية والمقتنيات التراثية العتيقة عكسوا ذاك الشغف النابع من صدق حبهم وإخلاصهم للعراقة والأصالة عن طريق تحويل منازلهم أو أجزاء منها لمتاحف أثرية خاصة توثق ثراث أجدادهم ووطنهم في منازلهم وبجهد شخصي في مناطق مختلفة من الدولة..

حيث يقومون بعرض الأدوات القديمة والمقتنيات العريقة التي ورثوها عن آباهم أو أجدادهم على جدران وأرضية تلك المتاحف، ويتم ذلك لحفظ التراث المليء بملامح المعاناة والصبر والبساطة..

فتكون أسمى أهدافهم تعريف الأجيال الحاضرة والمستقبلية بالموروث التاريخي الذي نشأ عليه الوطن وأبناؤه المخلصون ومنه تشكلت الحضارة والثقافة التي حكمت على مظهرنا وأسلوب حياتنا ومبادئنا، فأبلغ ما ورثناه التمسك بعادات أجدادنا الأصيلة وهويتنا الإماراتية العزيزة، أما المقتنيات فبعضها بادت مع موت أصحابها وبعضها رمم وأضافها الهواة لمجموعة الآثار.

تنوع أشكال الموروث القديم وامتزج بين الأسلحة، أوانٍ ومعدات للاستخدامات اليومية، عملات مالية معدنية أو ورقية وغيرها العديد من المصنوعات اليدوية القديمة، جميعها لا تعد صالحه للاستخدام نظراً للهيب الحداثة وحالة التطور والتجديد التي عمت أرجاء الوطن واكتسحته، فيجد الهاوي صعوبة في المحاولة والبحث عن تلك القطع الأثرية بين محلات الأسواق الشعبية، لدى أصدقائهم ومن أهاليهم أو شرائها بأغلى الأثمان من تجار الآثار والمهتمين بهذا المجال.

هذه الهوايات بحاجة لرعاية كاملة كالترويج الإعلامي وإبراز دور الجهات المختصة التي تعنى برفع مستوى الارتقاء الثقافي للمجتمع والمحافظة على التراث العريق كوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع والمجلس الوطني الاتحادي والدوائر المتعلقة بالسياحة والآثار في الدولة، فبذلك ستتم المبادرة للاستثمار الأسمى في طاقات الهواة وتعزيز جهودهم وقدراتهم في صون وحماية آثار الدولة والمجتمع.

وأعتقد أنه بزيادة تأسيس متاحف خاصة من الإماراتيين فإنه بات من الضروري بناء مجمع متكامل بمساحات كبيرة على الأقل لكل إمارة يرعى جميع الهواة ويعرض مخزونهم من الأدوات الثمينة في مساحات عرض واسعة ويمدهم بكافة أنواع الدعم كتحفيز للاستمرار في حفظ الثروة الوطنية وفتح أبواب المجمعات التراثية لاستقطاب الطلاب والسياح والجميع للتعريف بتاريخ هذا الوطن وفهمه جيداً وتنمية روح الاعتزاز بتراثنا العريق.

الكثير منا تنقصه المعلومة حول مسميات الأدوات الأثرية وأغراضها، فهي لا تعلم في المدارس بشكل موسع وتغيب المعرفة عن أغلب الأسر فبالتالي من واجبنا كأفراد مخلصين لهذا الوطن الغالي المطالبة بتعزيز مبادرات قيمة تزود المجتمع بالدراية الكاملة بالمخزون الإنساني والحضاري والثقافي عن طريق احتضان الهواة كمرشدين للتراث وخبراء في هذا المجال وفتح الأبواب لهم في المؤسسات التعليمية والمهرجانات والمناسبات المحلية والدولية ..

كذلك لنشر المعرفة وإيصالها من أفواه المختصين والمحبين. فأصحاب المشاريع الخاصة التي تسهم في رفعة الوطن وتجسيد ملامح المواطنة الصادقة بالتمسك بإرثه يستحقون الشكر والدعم لما يبذلونه من عطاء في حماية مكتسباته.