كجزء من محاولات تصدير الثورة لا يزال نظام ولاية الفقيه في طهران يتدخل بشكل سافر في شؤون دول الإقليم. الهدف هو الوصول إلى قلب العالمين العربي والإسلامي محاولاً تقويض النظام والقانون العامّين في الدول المستهدفة. البؤر الرئيسية للتدخل، هي جنوب العراق، جنوب لبنان، البحرين، شرق وجنوب العربية السعودية؛ أخيراً وربما أولاً شمال اليمن.

الكلمة الجسورة تقع في مقدمة التدخل الإيراني الذي يهدف إلى خلق حالات من الفوضى وعدم الاستقرار والتمرد والفتن الاجتماعية. معظم الحروب بدأت وتبدأ، ومن ثم تستمر، بالكلمة ودق طبول الحرب. وسائل الإعلام الإيرانية خاصةً الناطقة بالعربية تتقدم العدوان الإيراني السافر على دول الخليج، والمنطقة عموماً. تضم وسائل الإعلام هذه نخبةً من الإعلاميين الذين يتخذون من المبالغة والتهويل والكذب، وليّ عنق الحقيقة، منهجيةً وسلاحاً.

ينثر هؤلاء سموم عدم الاستقرار وريبةً وشكوكاً وأسافين بين الأنظمة الحاكمة والشعوب، وخلال وعبر الشعوب المستهدفة. العدوان الإيراني بفضل وسائل الإعلام تلك يحقق نجاحاً يتفاوت بين منطقة وأخرى.

يحاول هؤلاء الإعلاميون جهدهم نقل المعارك والحروب إلى عقر ديار وبيوت العرب كي تكون الخسائر عربية 100%؛ عامة شاملة ما أمكنهم ذلك. يتقنون الانتقاد والسب والشتم واللعن والقدح؛ وخلط الأوراق وإعادة ترتيبها على هواهم.

في لبنان مثلاً استطاعت إيران إنشاء أحزاب سياسية وشبه عسكرية حربية تابعة تحاول مد أذرع لها داخل وحول شبه الجزيرة العربية.

في البحرين استطاعت إيران خلق بؤرة توتر تهدف إلى المساهمة في ضرب استقرار الجزيرة العربية باللعب على وتر «الطائفية». في العراق المحتل انتقل النظام المركزي العراقي عملياً إلى حالة مستنسخة من النظام الإيراني خاصةً مع تنامي نفوذ «ماعش»، ميليشيات إيران في العراق والشام. في العربية السعودية تحاول إيران الانتقال بعملائها أو حلفائها من طور الدفاع والانحسار إلى طور الهجوم والانتشار. زرعت إيران في الخاصرة السعودية الجنوبية مجموعات مزيجاً بين الحوثيين وأنصار لهم في الجسم اليمني.

في ظل حالة الضعف والفوضى في اليمن تستطيع فئة أقلية منظمة جيداً ومدعومة من الخارج من أخذ زمام المبادرة والعبث بمستقبل ومصير اليمن، وما حوله من أقاليم مجاورة. تستمر إيران في محاولات نشر بؤر عدم الاستقرار في أرجاء الجزيرة العربية والمنطقة كافةً ودون هوادة. هذا بالرغم مما وصلت الأحوال العامة في إيران من ضعف وتراجع وانتكاسات في الجبهة الداخلية والسياسة الخارجية.

كورقة بائسة يائسة يلجأ النظام الإيراني إلى الإيعاز لـ«مهاميز» من النوع التبّع لعمل ما يمكن عمله لإطالة أمد الحروب والاقتتال ونشر الفتن والقلاقل الداخلية. يحلم هؤلاء بتكرار حروب «البسوس» و«داحس والغبراء» مقتبسة من التاريخ العربي القديم. يعتقدون بذلك أنهم يحسنون الصنع حين يرون البلاد، والعباد في بلاد العرب عموماً يُستنزفون ويعانون الدمار والفوضى والتخلف.

في ذلك فليس لدى الأنظمة السياسية والإدارية القائمة والشعوب إلا الضرب بيد من حديد واستخدام كافة أشكال القوة لمنعهم من تحقيق أجنداتهم المدمِّرة؛ أولاً بأول وقبل فوات الأوان.

آن الأوان كي تفك إيران ارتباطاتها بالمجموعات المارقة العابثة في مختلف الأقطار العربية. هذه المجموعات تساهم فقط في جعل العلاقات العربية - الإيرانية تلازم الحضيض. هؤلاء المتمردون محفزون بدوافع الكره والانتقام والطائفية ونشر الفوضى للحصول على مكاسب سياسية.

لا يبالون رؤية أهل المنطقة يغرقون في بحور دمائهم مضحين ببلادهم ومستقبل أجيالهم. لدى إيران مخزون وفيض من القضايا والمشاكل والمعضلات الداخلية والخارجية؛ ليس أقلها معضلة الملف النووي.

عليها أن تصرف وقتها وجهودها نحو إيجاد حلول لتلك المشاكل وترك الدول والشعوب الأخرى تحل مشاكلها.