إن الإنسان الذي يعرف كيف يستغل وقته في أعمال مفيدة ونافعة، يكون أكثر سعادة من أولئك الذين يضيعون أوقاتهم من دون فائدة، فالسعادة مرتبطة بما يقدمه المرء من أعمال نافعة، فإذا أردت ان تحصل على السعادة فعليك أن تعرف كيف تنظم اوقاتك وتستغلها، فالكثير من الناس لا يتمتعون بنوع من الرضا عن حياتهم وواقعهم بسبب عدم معرفتهم بأهمية الوقت، وهذا ما ينتج عنه الكثير من الاضطرابات النفسية حسب ما يؤكده علماء النفس، فمعظم الأمراض النفسية تنتج عن عدم الرضا عن الواقع.

ومن أجل تنظيم واستثمار الوقت بصورة علمية وعملية على الإنسان أن يحدد قائمة بالأهداف التي يسعى للوصول إليها، سواء كانت شخصية أو عائلية أو اجتماعية أو غيرها، فوضوح الأهداف وبلورتها تعتبر الخطوة الأولى لاستثمار الوقت بطريقة سليمة وفعالة، كما يجب وضع قائمة بالأوليات.

وبعد تحديد الأهداف يجب ترتيب الأولويات، عملاً بالقاعدة القائلة (ابدأ بالأهم ثم المهم )، وهذا يعني أن كل فرد يجب أن يحدد قائمة بأولوياته حسب الأهمية لما لذلك من تأثير في سير الأمور، كما يجب الوصول إلى الأهداف المرسومة، ومن المهم جدا تحديد قائمة بالأعمال التي يجب إنجازها خلال اليوم الواحد، وتدوين تلك الأعمال في ورقة صغيرة أو دفتر مذكرات.

وذلك بالقاعدة المعروفة “لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد”، وأيضا يجب على الإنسان أن يستثمر الوقت الضائع ويقصد به ذلك الجزء من الوقت الذي يخصصه لإنجاز اعمال ذات اهداف معينة إلا أنه حال دون تحقيقها وجود معوقات غير متوقعة فمثلاً قد نكون على سفر بالطائرة.

 فيتأخر وقت الإقلاع لفترة قصيرة أو قد يتأخر الضيف الذي تنتظره على الغداء أو العشاء، في مثل هذه الحالات يجب ان تستثمر وقتك فيما يفيد ويمتع، كأن تقرأ كتاباً أو مجلة، او تمارس رياضة التفكير او الكتابة او تنجز أعمالاً صغيرة.

اذا استطاع الإنسان ان يطبق هذه القواعد يكون بذلك قد خطط ونظم وقته بطريقة فعالة ومنتجة فاستثمار الوقت يعد الباب الأول للنجاح.

إن الاستخدام الصحيح للوقت يبين الفرق بين الإنجاز والاخفاق، فمن بين الأربع والعشرين ساعة يومياً، يوجد عدد محدد منها للقيام بالأعمال، والاستفادة من كل دقيقة شيء مهم جداً لإنجاز الأعمال بشكل اقتصادي وفي الوقت الصحيح.

ان تنظيم الوقت هو سر النجاح في الحياة، فإذا تتبعنا حياة المشاهير والعلماء ومن تميزوا في هذه الحياة نجدهم يحرصون على مسألة تنظيم اوقاتهم واستغلالها الاستغلال الأمثل، بكل ما هو مفيد ونافع، وتنظيم الوقت هو عامل من عوامل نجاح المؤسسات التجارية والمصانع فقد عني الكثير من علماء الإدارة بدراسة عنصر الوقت وأهميته في نجاح المؤسسات فحرصوا على تنظيمه وحسن إدارته وتوجيه العاملين لحسن استغلاله، كما يمكن اعتبار ان الوقت عامل من عوامل الرقي الحضاري في المجتمع.

فالمجتمعات التي تحرص على حسن استغلال اوقاتها وتنظيمه هي المجتمعات الأقدر على النهوض والرقي الحضاري، لذلك نجد المجتمعات المتقدمة تعمل على برمجة الأفراد فيها على احترام الوقت والالتزام به حتى تتحقق منظومة الرقي الحضاري.

فترى على سبيل المثال وسائل المواصلات تصل في الوقت المحدد لها إلى مواقف الركاب وتنطلق من مكانها ايضا بدون تأخير في حين قد نشهد مجتمعات اخرى تتسم بالعشوائية في كل شيء وعدم احترام الوقت الذي يسبب تراجع الأمم وتخلفها.

ومن ناحية أخرى فعلى المسلم ان ينظم وقته تنظيماً محكماً بحيث يرتب بين الواجبات والأعمال المختلفة سواء كانت دينية او دنيوية فيما يعود عليه بالنفع والفائدة وذلك بالإقبال على العبادة والقيام والتصدق بالمال وقراءة القرآن وذكر الله عز وجل وصلة الرحم والتواصل الأسري لما في ذلك من نفع وأجر عظيم.

كما ان للأسر دوراً مهماً في تعليم ابنائهم كيفية استغلال اوقات فراغهم فيما يعود عليهم بالنفع في حياتهم التعليمية واليومية من خلال انخراطهم في اندية رياضية مثلاً أو ثقافية لصقل مواهبهم وطاقاتهم، وهذا ما نشهده في دولة الإمارات العربية المتحدة، ففي ظل القيادة الرشيدة التي تسهر دائماً على توفير كل حاجيات كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة وكل سبل الحياة الكريمة والرفاهية.

فقد عملت الدولة على إنشاء العديد من المراكز والأندية التي تسمح للشباب بمزاولة مواهبهم وقضاء اوقات فراغهم في أعمال مفيدة تعود عليهم بالنفع بدل الاختلاط بمن يعيشون في هذه الحياة دون هدف وأصدقاء السوء.

فالوقت مهم والمحافظة عليه ضرورية وعدم استغلاله والاستهتار به أمر بالغ الخطورة فهو رأس مال الشخص، ان خسره خسر كل شيء وإن حافظ عليه فالنجاح حليفه.