من أجل راية الوطن .. من أجل علم دولة الإمارات .. علم العزة والفخر والكرامة، علم دولتنا رمز الوطن الغالي الذي وحدنا تحت رايته بألوانه الأربعة.. التي جسد معانيها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حفظه الله ورعاه، بأبيات شعرية رائعة في قصيدته بعنوان «يا علمنا».
بعزة الله وفضله سيبقى علمنا يرفرف عالياً خفاقاً فوق هامات السحاب، يرفرف بجانب الشهداء أبطال الوطن الذين ضحوا بدمائهم وأرواحهم من أجل الوطن وشموخه ورفعته.. هذا هو شعوري وإحساسي، وأنا أتأمل أمر واختيار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، يوم 30 نوفمبر من كل عام ليكون يوماً للشهيد، تخليداً ووفاء وعرفاناً بتضحيات وعطاء وبذل شهداء الوطن وأبنائه البررة الذين وهبوا أرواحهم لتظل راية دولة الإمارات خفاقة عالية، وهم يؤدون مهامهم وواجباتهم الوطنية داخل الوطن وخارجه في الميادين المدنية والعسكرية والإنسانية كافة، إنه حدث تاريخي مهم في مسيرة دولتنا الحبيبة له قيمته ودلالته العظيمة، وسيكون له تأثيره العميق في نفوس شبابنا وأبنائنا وصورة مستقبل بلادنا.
سموه، حفظه الله، أمر باعتبار هذا اليوم وهذه المناسبة الوطنية إجازة رسمية على مستوى الدولة، تقام فيه المراسم والفعاليات الوطنية بمشاركة مؤسسات الدولة كافة وكل أبناء شعب الإمارات والمقيمين على أرضها الطيبة، هذا الأمر والاختيار هو تأصيل وتجذير للمعنى والقيمة من هذه المناسبة التي نتذكر فيها أصحاب التضحيات ونفتخر فيها بقيم التفاني والإخلاص والولاء والانتماء للدولة وتجذير هذه المشاعر الوطنية الجياشة في نفوس أبناء دولة الإمارات التي تسمو بتضحيات شهدائها وهم يجودون بأرواحهم في ساحات البطولة والعطاء وميادين الواجب.
الشهيد سالم سهيل خميس ضحى بحياته من أجل إعلاء راية الإمارات، وقد اختار صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، يوم 30 نوفمبر من كل عام للاحتفال بهذه المناسبة الوطنية، كونه ذكرى استشهاد أول إماراتي. حيث كان عسكري أول سالم سهيل قد استشهد وهو يدافع عن علم بلاده ووطنه في جزيرة طنب الكبرى فجر 30 نوفمبر 1971، دون أن يهاب الطائرات العسكرية أو يرعبه وابل أسلحة السفن والزوارق البرمائية الحربية الإيرانية ، أو جنود المظلات وهم يهبطون من السماء استعداداً لمواجهته وخمسة من زملائه العسكريين الإماراتيين المكلفين بحماية الجزيرة و120 من المواطنين المقيمين بها.
بطلنا سالم سهيل أحد الأوائل الذين كان قد كرمهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حفظه الله، مطلع ديسمبر الماضي، عندما أطلق سموه مبادرة تكريم 43 شخصية وطنية منحوا ميدالية أوائل الإمارات أصحاب الابتكارات والمبادرات.
العلم ليس مجرد راية وألوان وإنما هو رمز للوطنية، رمز للولاء والانتماء وحب الأوطان، وهكذا الشهيد، فهو رمز للوطنية والولاء والانتماء، ومن اجل هذا كرمه الله سبحانه وتعالى بمكانة خاصة في الجنة والآخرة.. إنها المكانة التي تدفعنا جميعا إلى الدعاء إلى الله طلباً للشهادة حبا في بلادنا وفداء لها.. وفي هذه اللحظات أتخيل المشهد الذي لم يحدث أمامي لكنه سيظل عالقاً في ذهني.. مشهد البطل سالم سهيل، أول شهيد وهو يسقط غارقاً في دمائه، لقد أبى بطلنا إلا أن تبقى راية بلاده عالية أبية، فرغت ذخيرته ولكن ظل قلبه وعقله مملوءاً بالحب والانتماء لبلاده وأرضه فغرس العلم في الأرض التي رواها بدمائه وتعلق به ليظل مرفرفاً عصياً على السقوط.. هذا هو الانتماء وهذا هو الحب وتلك هي الوطنية، والعلاقة بين الراية والشهادة.. انه عشق الوطن والتراب الذي تجسده هذه التضحيات، والذي سوف نجسده نحن وأبناؤنا وأحفادنا كل عام في يوم الشهيد.
يوم الشهيد من كل عام سوف يكون المناسبة لتخليد ذكرى شهدائنا الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم من اجل أن نحيا ويحيا وطننا شامخاً، لكنه سيكون أيضا مناسبة سنوية للسمو بأرواحنا وانتمائنا لبلادنا.. ستكون مناسبة عظيمة كل عام للاحتفال بأبطالنا الذين زادونا شموخا وكرامة.. ستكون مناسبة سنوية لدعم الترابط والتلاحم بيننا كشعب ومع بلادنا كأرض وعشق أبدي.. اذا كان الموت فراق، فإن الشهادة لقاء.
احتفالنا بتخليد ذكرى شهدائنا الأبطال يمثل تقديراً لكل جنود الوطن الذين يبذلون الجهد ويضحون بالغالي والنفيس من اجل علو وحماية الوطن، بوركت أياديكم يا جنود الوطن التي تضرب بقوة الحق والعدل والإنسانية، وتحارب البطش والظلم والتعدي على الغير، بوركت عقولكم النيرة التي تهديكم طريق الصواب يا جنود الوطن الشجعان، وكيف لا وقد وجهتم ببراعة وشجاعة ضربة نوعية لعصب الإرهاب وحررتم الرهينة البريطاني من وكر تنظيم القاعدة في اليمن، وأكدتم قدرتكم الفائقة وكفاءة أدائكم العالية، وتنفيذكم بعناية وبسرية ودقة للعملية العسكرية الاستخباراتية، بتكتيك عسكري عال وحرفية، وحققتم بنجاح ما لم يستطع الآخرون تحقيقه، لتحتفي بكم بريطانيا احتفاءً منقطع النظير تقديراً لجهودكم العظيمة واكتشافكم للمكان الذي يحتجز فيه تنظيم القاعدة الإرهابي الرهينة البريطاني في اليمن منذ فبراير 2014، وتمكنكم من الوصول إليه وتحرير الرهينة.. لهذا نحن نفخر بكم فأنتم رمز العزة والكرامة والإنسانية.
30 نوفمبر سيكون يوماً للوطن، نخلد فيه ذكرى شهدائنا ونفخر خلاله بتضحيات وبطولات جنودنا البواسل، يوماً يتعرف من خلاله أبناؤنا وأحفادنا على ما صنعه وحققه شهداؤنا وجنودنا من بطولات من أجل أن تسمو الإمارات، يوماً ننعم فيه جميعاً بقيمة حب الوطن، يوماً نستعد له من الآن نتسابق لنبدع في إقامة الفاعليات الوطنية التي تجسد ملاحم الشهداء وتسمو بمشاعر الولاء والانتماء، ويعلو شأن دولة الإمارات وبذلك يصبح 30 نوفمبر يوماً عظيماً للوطن.