تعتبر دولة الإمارات مثالاً رائداً في العمل الإنساني، ونموذجاً فريداً في البذل والعطاء وإعانة المحتاجين والمصابين أينما كانوا، سواء على المستوى المحلي أو الخارجي، حتى احتلت المرتبة الأولى عالميا كأكبر مانح للمساعدات، فأياديها البيضاء ممتدة سخية..
ولا تكاد تسمع بنكبة في مكان ما في حالة سلم أو حرب إلا وتجد دولة الإمارات سباقة فيها إلى حملات الإغاثة والمساعدة، تخفِّف آلام المصابين، وتضمِّد جراح المكلومين، وتضفي البسمة على المحزونين، وتواسي المحتاجين والمعوزين بالأدوية والأغذية والأكسية وسائر ما يحتاجون، وتساهم في عمليات البناء والتنمية والإعمار، انطلاقا من قيم الدين الإسلامي السمح، وترجمةً للأخلاق العربية الأصيلة..
والمعدن الفريد لدولة الإمارات قيادةً وشعباً. وتحفل دولة الإمارات العربية المتحدة بعشرات الجمعيات والمؤسسات الخيرية والإنسانية، ومن أبرزها هيئة الهلال الأحمر التي حملت لواء العمل الإنساني بجدارة برئاسة سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان حفظه الله، وساهمت في إرساء ثقافة العمل التطوعي في المجتمع،..
وشاركت في مختلف الميادين الإنسانية في مختلف بقاع الأرض، وكان لها وجودها البارز في أماكن النكبات والكوارث متغلبة على التحديات والصعاب لتقديم العون والمساعدات للمتضررين، حتى أصبحت محل تقدير وإشادة من القيادة الرشيدة والشعب الإماراتي ومن الدول والشعوب الشقيقة والصديقة ومن الهيئات المختلفة.
وقد قامت الهيئة طيلة مسيرتها المشرقة التي امتدت لأكثر من ثلاثين عاما بإطلاق العديد من الحملات الخيرية والإغاثية بتوجيهات من القيادة الرشيدة، وكان لها دور محوري أساسي في هذا المضمار، وبالخصوص على الصعيد الإنساني الدولي،..
وقد قامت في السنوات الأخيرة مواكبةً لحجم التحديات بتكثيف برامجها الخيرية وحملاتها الإنسانية بعد ما يسمى بالربيع العربي الذي عصف بكثير من المجتمعات، وسلب منها الأمن والأمان والاستقرار، وجلب إليها المصائب والكوارث والمآسي..
وأشعل فيها الصراعات والنزاعات المسلحة، التي تسببت في إحداث أزمة اللاجئين والنازحين، وازدياد أعدادهم، واتساع دائرة الفقر والجوع والمرض في تلك المجتمعات. فعلى مستوى الأزمة الليبية تابعت هيئة الهلال الأحمر الأوضاع الإنسانية في ليبيا، وعملت على تخفيف معاناة الأشقاء الليبيين،..
وقامت بتسيير طائرات إغاثة، وتقديم برامج إغاثية شملت مختلف مناحي الحياة، وكانت أحد الأذرع الفاعلة لفريق الإغاثة التي شكلته دولة الإمارات تحت مسمى «فريق الإغاثة الإماراتي» لمساعدة الأشخاص المتضررين من الأزمة الليبية.
وهكذا أيضا فيما يتعلق بالأزمة المصرية، حيث كان للهيئة دورها البارز في الوقوف إلى جانب الأشقاء المصريين، وتم إطلاق حملة «مصر في قلوبنا» لدعم ومساعدة الشعب المصري الشقيق في ظروفه الاقتصادية الصعبة.
وأما فيما يتعلق بالأزمة السورية فقد كان دور الهيئة بارزا ومكثفا ومواكبا لحجم المعاناة هناك، حيث سارعت إلى إقامة الخيام والمستشفيات الميدانية، وتقديم الطرود الغذائية والصحية، وإرسال الوفود بعد الوفود، وتسيير العديد من القوافل الإغاثية، وإطلاق العديد من الحملات الإغاثية العاجلة، منها حملة «استغاثوا .. فلبَّينا»..
وحملة «قلوبنا مع أهل الشام»، وحملة «تراحموا»، كما شاركت في المؤتمرات التي تخدم هذا الجانب، وناشدت المنظمات الإنسانية والخيرية الدولية بتكثيف جهودها لمساعدة اللاجئين السوريين وتحسين حياة الأسر السورية وتوفير الحياة الكريمة لها.
وهكذا أيضا فيما يتعلق بالأزمة اليمنية، حيث أطلقت الهيئة عدة برامج إغاثية وتنموية في اليمن منذ مطلع العام الحالي، وكانت من المنظمات الإنسانية القليلة التي واصلت عملها في اليمن لتخفيف المعاناة الإنسانية فيها رغم تصاعد وتيرة الأحداث هناك، ..
وقد جاءت دولة الإمارات في المرتبة الأولى عالميا كأكبر مانح للمساعدات خلال الأزمة الإنسانية التي يشهدها اليمن، ولم تكتف دولة الإمارات بهذه النتائج الطيبة، بل واصلت جهودها الإنسانية بصورة مستمرة ومتجددة، فأطلقت حملة كبرى لمساعدة الأشقاء في اليمن تحت شعار «عونك يا يمن»..
وذلك عن طريق هيئة الهلال الأحمر بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، والتي تستمر لمدة شهر كامل.
إن هذه المبادرات الإنسانية الخيِّرة لا تؤتي ثمارها إلا بالدعم المتميز الذي تحظى به الهيئة من قبل المجتمع الإماراتي قيادة وشعبا، أفرادا وأسرا ومؤسسات، والمأمول المضي على هذا النهج المستنير، وتحقيق التكافل المستمر في ميادين الأعمال الإنسانية الجليلة، وبالخصوص في الحملة الأخيرة «عونك يا يمن»..
فالمجتمع هو الشريك الاستراتيجي للهيئات والمؤسسات الخيرية، وقد أعلى الإسلام من شأن العمل الإنساني، وحث على مدِّ يد العون والإحسان لكل محتاج ومكلوم، لما لذلك من أثر بالغ في رفع معاناة الكثير من الفئات الضعيفة والشرائح المتضررة في العالم من منكوبين ومصابين وفقراء وغيرهم، يقول الله سبحانه: {وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}، ويقول النبي عليه السلام: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس».
وأخيرا فإني أتوجه بالشكر والتقدير إلى سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية رئيس هيئة الهلال الأحمر المباركة ولكافة العاملين والمتطوعين فيها على جهودهم النيِّرة المشرقة في مسيرة العمل الإنساني، سائلا المولى القدير أن يسدد خطاهم ويبارك في مساعيهم ويجزيهم خير الجزاء.
*مدير عام مؤسسة رأس الخيمة للقرآن الكريم وعلومه رئيس مركز جلفار للدراسات والبحوث