لقد أصيبت دولتنا المجيدة بمصاب أليم، حيث فقدت كوكبة من فلذات أكبادها، ولا نقول إلا كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم) «إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا».

استودعت الأمة الإسلامية بأسرها، كوكبة من شهدائنا الأبرار، الذين ضحوا بدمائهم الطاهرة، من أجل الذود عن هذه الأمة، ورفعة الحق، ومد يد العون لدولة اليمن الشقيق، لنصرته ضد العدوان الحوثي والخروج على الشرعية، فرحين بما نالوه من الدرجات العلى عند ربهم، فباتوا منعمين فرحين بما آتاهم الله من فضله، وقد كان الناس يقولون فيهم، مات فلان، وذهب عنه نعيم الدنيا ولذاتها، فأخبر الله عز وجل، أن من قتل في سبيله ليس بميت، بل اختصه بالقرب منه، وفي هذا مزيد البهجة والكرامة، قال تعالى: «وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتٌ، بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَـكِن لَّا تَشْعُرُونَ) البقرة (154).

فتلك الكوكبة قدمت أرواحها فداءً لنصرة الحق وإعلائه، ولا سبيل لمن يزايد على هذه القضية، فيثير الشائعات وينسج الأقاويل، ويخترع القصص، وهو لا يدري أن هذا يمس أمن الوطن، فلا يجوز لأي كان أن يناقش أو يصدر تصريحات حول هذه القضية، فليس من سلطة أحد تناول تلك الموضوعات العسكرية، سوى ممثل قواتنا المسلحة، فهي القناة الشرعية الوحيدة التي يجب أن نستقي منها المعلومة، حرصاً على أمن وسلامة الوطن، أما ما يطلقه بعض المغرضون من نسج خيالهم، فلا قيمة له، ولن يدحض من عزيمة أمتنا، ونهج دولتنا القويم، في نصرة الحق، ومساعدة الآخرين، باذلين في ذلك النفس والنفيس، لا يريدون سوى إعلاء الحق، وحفظ الأمن والسلام لأمتنا العربية بأسرها. ونحذر أمثال هؤلاء أن ما يفعلونه يمثل خرقاً للقانون، وتعدياً على أمن وسلامة البلاد.

وقد جرم المشرع مثل هذه الأفعال، وجعل لها عقوباتٍ رادعة، تصل في بعض الأفعال إلى السجن المؤقت، وفقاً لأحكام قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، فلا يجوز استخدام وسائل التقنية الحديثة، لبث الشائعات، بما من شأنه إثارة الفتن في البلاد. إن وسائل التقنية الحديثة، ما جعلت لتكون معول هدم، يستخدمها كل حاقد كما يحلو له، ولكن وجدت لزيادة تقدم ورفعة الأمة. ولن يكون هناك سبيل للمغرضين مثيري الشائعات، فالقانون يقف لهم بالمرصاد، يضرب على أيديهم بيد من حديد، فلن يبلغوا مرادهم، ولن يهنؤوا بمكرهم، فهذه الدولة مصونة، وآمنة بفضل الله.

ولقد وضع المشرع العديد من التشريعات التي تجرم الشائعات التي تمس الوطن وسلامته، فجرم بقانون العقوبات الاتحادي مثل هذه الأفعال، وكذا بقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وأخيراً مرسومٌ بقانونٍ بشأن مكافحة التمييز وإثارة خطاب الكراهية.

ففي الحقبة الأخيرة، ظهر ما يعرف بـ «الإعلام الاجتماعي»، وأصبح أكثر تأثيراً من وسائل الإعلام التقليدية، ولذا، فله جوانبه الإيجابية، كما أن له جوانبه السلبية، وهذه الأخيرة، ما يمكن أن يطلق عليها «جرائم الإعلام الاجتماعي»، ويمكن تعريفها بأنها «كل فعل أو امتناع عن فعل، يهدف إلى نشر بيانات أو معلومات، سواء كانت صادقة أو كاذبة، عبر شبكات المعلومات أو شبكات المحمول، من خلال إنشاء مواقع إلكترونية خاصة، أو استغلال تطبيقات المواقع المتاحة، باستخدام النص، أو الصوت، أو الصورة، أو الفيديو، ماساً بالمصالح الأساسية للمجتمع، ومخالفاً للقانون»، فكل فعل يمس أمن الدولة الداخلي، لا يتهاون بمرتكبه، أياً كان قصده، فهو يمثل اعتداء على المؤسسة العسكرية إلكترونياً.

فالمؤسسة العسكرية هي الحصن المنيع الذي يحيط الوطن بسياج من الأمن، والطمأنينة، فلا يجوز لأي كان أن يقلل من الدور الذي تقوم به هذه المؤسسة العظيمة، وما تضحي به في سبيل إعلاء الحق، فلا يمكن أن نتخذ من أفرادها البواسل الأطهار سبيلاً للشائعات، أو المزحة أو السخرية بين الأقران عبر وسائل الإعلام الاجتماعي، فهذا لا يليق ولا يجوز بمثل هذا الصرح.

وخيراً فعلت النيابة العامة في أبوظبي، بعد أن قام أحد السفهاء على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، بنشر أسماء طلاب جامعيين على أساس أنها أسماء لشهداء الوطن الأبرار، وما ترتب على هذا الأمر من إحداث بلبلة لأسر تلك الأسماء، فقد أصدرت أمراً بالقبض على مطلق هذه الشائعة، وسيقدم للمحاكمة، ليلقى جزاء فعلته قريباً، حيث إنه لا بد أن يقابل مثل هذا الفعل بكل حزم، حتى لا يكررها غيره.

كما نود أن ننبه أن هناك واجباً يقع على عاتق كل فرد يقيم على أرض الإمارات، يتمثل في عدم الالتفات إلى تلك الشرذمة من مروجي الشائعات، حتى يتم وأدها في مهدها، ولا تستشري، فالمجتمع بجميع طوائفه، هو خط الدفاع الخلفي للقوات المسلحة، يذود عنه كل خطر يمس صرحه المنيع، وأن يأخذوا المعلومة من مصدرها، ولا ينجروا وراء الشائعات التي تنخر في أمن الوطن.

فتحية إجلال وتقدير لمؤسستنا العسكرية، ورجالها البواسل. وحفظ الله الإمارات وحكامها، ودامت عزاً وفخراً طوال الزمان.